التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب التكبير والتسبيح عند التعجب

          ░121▒ بَابُ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ.
          6218- ذكر فيه حديث أمِّ سَلَمَةَ ♦ قَالَتْ: (اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم فقالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الخَزَائِنِ؟ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الفِتنَةِ؟ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجَرِ _يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ حتى يُصَلِّينَ_ رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ).
          قال ابن أبي ثورٍ، عن ابن عبَّاسٍ، عن عُمَرَ ☺ قال: قُلتُ لِرَسولِ اللهِ صلعم: (أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: لاَ، قُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ).
          6219- وحديث صَفِيَة أنَّها جاءت تزوره فِي اعْتِكَافِهِ.. الحديث، وفيه (فَقَالاَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ).
          والمراد بـ(الخَزائنِ): الغَنَائم والمال وذلك منه تعالى اختبارٌ أو ابتلاءٌ، والمراد بإنزال الفِتن: ما قُدِّر أن يكون منها.
          وقوله: (مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجَرِ؟) يريد: حتَّى يُصَلِّين. وقيل: ليَسْمَعْنَ الموعظة. وسلف الكلام في: (رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ) هل المراد الثَّوبُ الذي لا يُوارِي ما تحته، أو الرَّقيقُ الصَّفيق الذي يَصِف المحاسن، أو كاسيةٌ مِن النِّعم عاريةٌ مِن الشُّكر، أو يَكْشِفن بعض أجسادهنَّ ويَشْدُدنَ الخُمُر مِن ورائهنَّ فتنكشفُ صُدُورهنَّ؟ [خ¦1126]، وقال الدَّاوُدِيُّ: أي: يُعجَّلُ لها طيِّباتُها وحسناتُها.
          وهذا الحديث مطابقٌ لِمَا بوَّب له فإنَّ فيه: (سُبْحَانَ اللَّهِ) وأمَّا ابن التين فلم يبوِّب له وأدخلَهُ فيما مضى قبلَهُ تبعاً لابن بطَّالٍ، وقيل: سُئل بعض العِلْماء عن مناسبتهِ، فأجاب بأنَّه هو كمعنى الحديث الذي قبله الموافق للترجمة بالقدر السابق على كلِّ نفسٍ، وكتاب مقعَدها مِن الجنة والنَّار في أمِّ الكتاب بقوله: (مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتن؟) يحذِّرُ أسباب القَدَر بالتعرُّضِ للفِتن الذي بالغَ في التحذير منها بقوله: ((القاتِلُ والمقتولُ في النَّار)). فلمَّا ذكرَ أنَّ لكلِّ نفسٍ مَقْعَدُها مِن ذلك أكَّد التحذير منها فإنَّ ذِكْر النَّار بأقوى أسبابها وهي الفِتن والتعصُّب فيها والمقاتلة على الولاية وما يُفتح على أُمَّتِهِ مِن الخزائن التي تُطغي وتُبطر. وليس عليه تقصيرٌ في أن أدخل ما يوافق الترجمة ثمَّ أَتْبَعه بما قوَّى معناه ولا حاجة إلى ذلك كما أسلفناه.
          فَصْلٌ: والتكبيرُ والتسبيحُ معناهما: تعظيمُ الله وتنزيهه مِن السُّوء، واستعمالُ ذلك عند التعجُّب واستعظامِ الأمور حَسَنٌ.
          وفيه: إراضة اللِّسان على الذِّكْر وذلك مِن أفضل الأعمال.
          فَصْلٌ: والمراد بالغَوَابِر في حديث صَفِيَّةَ: البواقي.
          وقوله: (فَقَامَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا) أي: يَصِرفها، وهو ثلاثيٌّ.
          و(رِسْلِكُمَا): بكسر الراء على هِيْنَتِكما، أي: اتَّئدا.
          وقوله: (ثَمَّ نَفَذَا) أي: مَضَيا مُسْرِعَين مِن قولهم: نفذ السَّهم مِن الرَّمِيَّة.
          وقوله: (وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا) أي: عظُم، مثل قوله: {كَبُرَتْ كَلِمَةً} [الكهف:5].