التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب المقة من الله

          ░41▒ بَابُ المِقَةِ مِنَ اللَّهِ.
          6040- ذكر فيه حديث مُوسَى بن عُقْبَةَ، عن نافِعٍ، عن أبي هُرَيْرَةَ ☺، عن النَّبِيِّ صلعم قال: (إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي الأَرْضِ).
          الشرح: (المِقَةِ): بكسر الميم وفتح القاف المحبَّة، والهاء عِوضٌ من الواو مثل ((سَنة وسِنة))، يُقال: وَمِق يَمِقُ _بالكسر فيهما_ أي: أحبَّ، والمراد بوضع القَبول المحبَّة في النَّاس، قيل: هو معنى قوله: {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحمن وُدًّا} [مريم:96]، قال ابن عبَّاسٍ: يُحبُّهم ويُحبِّبهم إلى النَّاس، وقال بعض أهل التفسير في قوله تعالى: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} [طه:39] أي: حبَّبتُكَ إلى عِبَادي، وروى مالكٌ حديثَ أبي هُرَيْرَةَ ☺، عن سُهَيلٍ، عن أبيهِ، عنه، وقال فيه مالكٌ: لا أحسِبُهُ إلَّا قال في البُغض مِثل ذلك.
          وهذا أخرجه مُسلمٌ عن زُهَيرِ بن حَربٍ، عن جَرِيرٍ، عن سُهَيلٍ به، وذكرَ المحبَّة، ثمَّ قال: ((وإذا أبغضَ عبداً؛ دعا جبريل ◙ فيقول: إنِّي أبغضُ فلاناً فأبغِضهُ، قال: فيبغضُهُ جِبريلُ، ثمَّ ينادي في أهل السَّماء: إنَّ الله يبغُضُ فُلاناً فأبغضوه، قال: فَيُبغضُوهُ، ثمَّ تُوضَع له البغضاءُ في الأرضِ)).
          ثمَّ قال: حَدَّثَنا قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، حَدَّثَنا يَعْقُوب _يعني: ابن عبد الرَّحمن القَارِي_ وقال قُتَيْبَة: حَدَّثَنا عبدُ العزيز_يعني الدَّرَاوَرْدِيَّ_، وحَدَّثَناه سَعِيدُ بن عَمْرٍو الأَشْعَثيُّ، أخبرنا عَبْثَرٌ، عن العَلاءِ بن المُسَيِّب، وحَدَّثَنِي هارُونُ بن سَعِيْدٍ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مالكٌ، كلُّهم عن سُهَيلٍ بهذا الإسناد، غير أنَّ حديث العلاء ليس فيه ذكْرُ البُغض.
          فائدةٌ: دلَّت هذه الزيادة على خِلاف ما تقوله / القَدَريَّة: إنَّ الشرَّ مِن فِعْل العبدِ وليس بخلْقِ اللهِ، وبأنَّ كلَّ شيءٍ من خيرٍ وشرٍّ ونفعٍ وضرٍّ مِن خَلْق الله، لا خالقَ غيرُهُ، تعالى الله عمَّا يُشْرِكون.