التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قول الرجل: مرحبًا

          ░98▒ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَرْحَبًا.
          وقالت عائِشَةُ ♦: قَالَ النَّبِيُّ صلعم لِفَاطِمَةَ: (مَرْحَبًا بِابْنَتِي) وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلعم فَقَالَ: (مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ) وقد سلفا [خ¦3623] [خ¦357].
          6176- ثمَّ ساق حديث أبي التَّيَّاح، عن أبي جَمْرَةَ، عن ابن عبَّاسٍ ☻ قال: (لَمَّا قَدِم وَفْدُ عبد القَيْسِ على النَّبِيِّ صلعم قال: مَرْحَبًا بِالوَفْدِ الَّذِينَ جَاءُوا غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى) الحديث.
          وأبو التَّيَّاح: اسمه يزيدُ بن حُمَيْدٍ الضُّبَعيُّ أبو حَمَّادٍ _مِن أَنْفُسِهم_ البَصْرِيُّ، مات سنة ثمانٍ وعشرين ومئةٍ، وقيل: سنة ثلاثين بسرخس.
          وأبو جَمْرَة: اسمه نصْرُ بن عِمْرَان الضُّبَعيُّ بالجيم والراء مات بسرخس أيضاً في ولاية يُوسُف بن عُمَر بن يُوسُف بن عُمَر بن مُحَمَّد بن الحَكَم الثَّقَفِيِّ على العراق وكانت سنة عشرين ومئةٍ إلى أن هربَ إلى الشام في ولاية يزيدَ بن الوليد النَّاقصِ سنة ستٍّ وعشرين.
          وفي رَبِيعةَ بن نزار: ضُبيعةُ اثنان: أحدهما: ابنُ رَبِيعة بن نزارٍ أخي أسدِ بن رَبِيعة، والثاني: ابن قيس بن ثَعْلَبة. قال الأصْمَعِيُّ: معنى قوله: (مَرْحَبًا) لقيت رَحْباً وَسَعة. وقال الفرَّاء: هو منصوبٌ على المصدر وفيه / معنى الدُّعاء. والرَّحب: السَّعة، وتقول العرب: مرحباً وأهلاً وسهلاً. أي: لقيت أهلاً كأهلك، ولقيت سَهْلاً أي: سهُلت عليك أموركَ.
          فَصْلٌ: قوله: (غَيْرَ خَزَايَا) يعني: غير مخزيِّين ولا أذلَّاء بل مُكرَمين مُرتضين.
          (وَلاَ نَدَامَى): يعني غير نادِمين بل مُغْتبِطين فَرِحين بما أنعَمَ الله عليهم مِن عزِّ الإسلام وتصديقِ رسول الله صلعم ونصرتُه ودُعاء قومِهِم إلى دينِهِ.
          و(خزايا): جمع خَزْيَان، كحَيَارَى: جمع حَيْرَان، و(نَدَامَى): مراده جمع الواحد الذي هو نادِمٌ، ولكنَّه جاء هنا على غير قياسٍ اتِّباعاً لخزايا؛ لأنَّ فاعلاً لا تُجمع على فَعالى كقولهم: إني لآتيه بالغَدَايا والعَشَايا. قالوا غَدَايا، لَمَّا ضُمِّت إلى العَشَايا.
          وفي الحديث: ((ارجِعْنَ مأزوراتٍ غير مأجوراتٍ)) والأصل: موزورات وإنَّما يُجمع على نَدَامى النَّدْمَان الذي هو النَّدِيم، وقال القزَّاز في «جامعه»: يُقال في النَّادِم: نَدْمَان، فَعَلَى هذا يكون جارياً على الأصل لا على الاتِّباع. وقال ابن السِّكِّيت: خَزِى يَخْزَى خِزْياً: إذا وقع في بَليَّةٍ. وقيل: معنى مُسْتَحيين، يُقال: خَزِيَ خِزايةً إذا استحيا، وقال الدَّاوُدِيُّ: هو جمع مَخْزى.
          قال ابن التِّين: وليس ببيِّنٍ لأنَّ مفعلاً لا يُجمع على فَعالى.
          وقيل: جمع مُخزى، وهو أيضاً غير بيِّن لأنَّ خزا ثلاثيٌّ غيرُ مُتعدٍّ، ولا يُبنى منه لِمَا لم يُسمَّ فاعله، ولا يكون أيضاً فَعَالى جمع مفعولٍ.
          وقوله: (فَقَالَ: أَرْبَعٌ وَأَرْبَعٌ) أي: الذي آمركم به أربعٌ والذي أنهاكم عنه أربعٌ.
          و(الدُّبَّاءُ): بالمدِّ، وحُكي القصر: القَرْعَة، جمع: دُبَّاءة ممدودٌ.
          و(الحَنْتَمِ): قال أبو عُبَيدٍ: هي جِرَارٌ خُضْرٌ. وقال ابن حَبِيبٍ: هي الجرُّ، وهو كلُّ ما كان مِن فخَّارٍ أبيضَ وأخضرَ.
          وأنكره بعض العِلْماء وقال: إنَّما الحَنْتَمُ ما طُلي بالحَنْتَمِ المعمولِ مِن الزُّجَاجِ وغيره، ويعجِّل الشِّدَّة في الشَّراب بخِلاف ما لم يُطلَ. وعلى هذا أهل اللُّغة.
          و(النَّقِيرِ): أصل النَّخْلة وهو منسوخٌ خلافاً لمالكٍ، وقد سلف ذلك كلُّه [خ¦5595].