التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من تجمل للوفود

          ░66▒ بَابُ مَنْ تَجَمَّلَ لِلْوُفُودِ.
          6081- ذكر حديث عُمَر ☺ في الحُلَّة للتجمِّل، وقد سلف [خ¦886]، وفي آخره: فَكَانَ ابن عُمَر ☻، يَكْرَهُ العَلَم فِي الثَّوب لِهَذَا الحَدِيثِ.
          وفيه: ما ترجم له، وهو تجمِّل الخليفة والإمام للقادمين عليه بحسنِ الزيِّ وجميل الهيئة، أَلَا تَرَى قول عُمَر لرسول الله صلعم: (اشترِ هَذِهِ، فَالْبَسْهَا لِوَفْدِ النَّاسِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ)، وهذا يدلُّ أن عادته ◙ كانت جاريةً بالتجمُّلِ لهم، فينبغي الاقتداء في ذلك ففيه تفخيمُ الإسلام ومباهاة العدُوِّ وغيظٌ له.
          وقد سلف في اللِّبَاس خِلافُ العِلْماء في لُبْس الحرير [خ¦5828]، وممَّا ذكرناه يظهر لك الردُّ على الدَّاوُدِيِّ حيث ادَّعى أنَّ ما ذكره ليس مطابقاً لِمَا ترجم له، معللِّاً بأنَّه ليس في الحديث أنَّه تجمَّل إنَّما قيل تفعَّل. قال: ولو قال التجمُّل للوَفْدِ لاحتمل لأنَّه ◙ لم يُنكر عليه، غير أنَّه لا يُقال فعل إلَّا ممَّن ثبتَ أنَّه فعَلَ، فاعلم ذلك.
          وقوله: (فَكَانَ ابن عُمَر ☻ يَكْرَهُ العَلَم فِي الثَّوب لِهَذَا الحَدِيثِ). هو كما قال الخطَّابيُّ: مذهب ابن عُمَر في هذا الورع، وكذلك كان يتوخَّى في أكثر مذاهبه الاحتياط في أمر الدِّين. وكان ابن عبَّاسٍ ☻ يقول في روايته إلَّا: ((عَلماً في ثوبٍ))، وكذلك هو لأنَّ العَلَم لا يقع عليه اسم اللبس. قال: ولو حَلَف لا يَلْبس غَزْل فلُانةٍ فَلَبِس ما فيه غزلٌ لها، ولغيرها فإن كان غَزْلها لو انفردَ وكان يبلغ إذا نسجَ أدنى شيءٍ يقع عليه اسم اللبس حَنِث، فإنْ لم يبلُغ قَدْر ذلك لم يَحنِث. والعَلَم لا يبلغ هذا القدر، فكان قول ابن عبَّاسٍ أشبهُ.
          فَصْلٌ: قوله في الحُلَّةِ: (إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتُصِيبَ بِهَا مَالًا) أي: لتَتَّخِذها مالاً وقيل: لتلبسَها.
          وقوله في أوَّلِهِ: (عن يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ لِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مَا الإِسْتَبْرَقُ؟ قُلْتُ: مَا غَلُظَ مِنَ الدِّيْبَاج وَخَشُنَ مِنْهُ). هذا هو المشهور، وقيل: مُخْمَلهُ. وقال الدَّاوُدِيُّ: هو رَقِيقهُ.
          قال القزَّاز: وقيل: فيه ذَهب، وأصله فارسِيٌّ: استبره، فرُدَّ: اسْتَبْرَق. وقال الزَّجَّاجُ: هو مأخوذٌ مِن البريق: وهو الذي يُجعل على الكعبةِ.
          و (غَلُظَ): بضمِّ اللام، مثل: كَرُم وشَرُف.