التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قول النبي: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي

          ░106▒ بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم: (تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي). /
          قاله أنسٌ ☺، عن النَّبِيِّ صلعم.
          6187- ذكر فيه حديث سالِمٍ، عن جابِرٍ ☺ قال: (وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقَالُوا: لاَ نَكْنِيهِ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ صلعم، فَقَالَ: سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي).
          6188- وحديث أبي هُرَيْرَةَ ☺ قال: قَالَ أَبُو القَاسِمِ صلعم: (سَمُّوا..) الحديث.
          6189- وحديث ابن المُنْكَدِر قال: (سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ☻ قال: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقَالُوا: لاَ نَكْنِيكَ بِأَبِي القَاسِمِ وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلعم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحمن).
          الشَّرح: الكُنية _بضمِّ الكاف_: سُمِّيت بذلك لأنَّها توريةٌ عن اسمه، وفي «كتاب الخليل»: الصَّواب: يُكنى بأبي عبد الله، ولا تقل يُكنى بعبد الله. وكذا في البُخَارِيِّ: ((لا نَكْنِيك بأبي القاسم)). كما أوردناه.
          واختُلف في هذا الحديث: فقيل: نُهي عن الجمع بين الاسم والكُنية. وقيل: المنعُ في حياته للإيذاء. كما وقع في زمنه كما أخرجه التِّرْمِذِيُّ، وأبعَدَ بعضهم فمنع التسمية بمُحَمَّدٍ، روى سالمُ بن أبي الجَعْد: كتب عُمَر ☺ إلى أهل الكوفة: لا تُسمُّوا باسم نبيٍّ. واعتلَّ بحديث أبي داودَ: حَدَّثَنا الحكم بن عطيَّةَ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ رفعه: ((تُسمُّون أولادكم مُحَمَّداً ثمَّ تلعنونهم!)). ومنهم مَن رخَّص في الجمع. قال عليٌّ: يجمعُ بينهما. وكنَّى ولده مُحَمَّد بن الحنفيَّةِ بذلك، فرخَّص له ◙ فيه، وسمَّى مالكٌ ابنه مُحَمَّداً وكنَّاه بأبي القاسم، وكذا طَلْحَةُ في ولده مُحَمَّدٍ.
          وقال الطَّبَرِيُّ: يُحمَل النَّهي على الكراهة دون التَّحريم. وصحَّح الأخبار كلَّها ولا تعارُضَ ولا نسخَ، وكان إطلاقه لعليٍّ في ذلك إعلاماً منه أُمَّتَه جوازه مع الكراهة وترك الإنكار دليلٌ عليه، وذكر الطَّبَرِيُّ عن طائفةٍ المنعَ، روى ابن سِيرينَ قال: كان مروانُ بن الحكمِ سمَّى ابنه القاسم، وكان رجلٌ مِن الأنصار سمَّى ابنه القاسم، فلمَّا بلغهما هذا الحديث بالنَّهي سمَّى مروانُ ابنه عبد الملك، وغيَّر الأنصاريُّ اسم ابنه. وقال ابن عَوْنٍ: سألتُ ابن سِيرينَ عن الرجل يُكنى بكُنية رسول الله صلعم ولم يتسمَّ باسمه أيُكره؟ قال: نعم.
          وقال زُبَيدٌ الإيَامِيُّ: كان الرجل منَّا إذا تكنَّى بأبي القاسم كنَّيناه أبا القاسِمِ، وعن طائفةٍ: المنعُ مِن الجمع بينهما، وروى أبو الزُّبَير عن جابرٍ أنَّه ◙ قال: ((مَن تسمَّى باسمي فلا يتكنَّى بكُنيتي ومن اكتنى بكُنيتي فلا يتسمَّى باسمي)).
          وعن أخرى: الجمعُ بينهما. وقد أمرَ الله تعالى عبادَهُ المؤمنين ألَّا يجعلوا دعاء الرسول بينهم كدُعاء بعضهم بعضاً، وألَّا يرفعوا أصواتهم فوق صوتهِ ولا يجهروا له بالقول. وهذا كلُّه حضٌّ على توقيره وإجلاله، وتخصيصه بكُنيةٍ لا يُدعى بها غيره مِن إجلاله.
          فَائِدَةٌ: عن كتاب «الإعداد» لابن سُرَاقةَ: نهى النَّبِيُّ صلعم عن أربعِ كُنىً: أبي عيسى، وأبي الحكم، وأبي مالكٍ، وأبي القاسم لمن اسمه مُحَمَّدٌ.