التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إجابة دعاء من بر والديه

          ░5▒ بَابُ إِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ.
          5974- ذكر فيه حديث ابن عُمَر ☻ في الصَّخرة وقد سلف [خ¦2215].
          وحاصله أنَّ كلَّ مَن دعا الله بنيَّةٍ صادقةٍ مِن قلبه وتوسَّل إليه بما صنعَهُ لوجههِ خالصاً ترجى له الإجابة، أَلَا تَرَى أصحاب الغار توسَّلوا إلى الله بأعمالٍ عَمِلوها خالصةً لوجهه ورجوا الفرج بها، فذكر أحدهم بِرَّ أبويه، والثَّاني المرأة وأنَّه ترك الزِّنا بها لوجه الله، والثالث أنَّه تجِرَ في أُجرةِ الأجير حتَّى صار منها غنمًا وراعيها، وأنَّه دفعه إليه حين طلب منه الأجرة، فتفضَّل الله عليهم بإجابة دعائهم ونجَّاهم مِن الغار، فكما أُجيبت دعوة هؤلاء النَّفر فكذلك يُرجى إجابة دعاء كلِّ مَن أخلص فِعْلهُ لله تعالى وأرادَ به وجهَهُ.
          فَصْلٌ في ضَبْطِ أَلْفَاظهِ:
          قوله: (فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ) هو رُبَاعيٌّ، مِن أَطْبَقْتُ الشيءَ عليهِ وجعلتُهُ مُطْبَقاً فَتَطَبَّقَ هُوَ، ومنه قولهم: لو تَطَبَّقَتِ السَّماء على الأرض ما فعلتُ كذا.
          وقوله: (لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا) ضُبط بكسر الراء، قال ابن التِّين: وكذا قرأناه. قال الجَوْهرِيُّ: فرَّج الله عنك غمَّك تفريجاً، وكذلك: فرَّج الله عنك غمَّكَ يُفَرِّج بالكسر.
          وقوله: (إِنَّهُ نَاءَ بِيَ الشَّجَرُ) أي: تباعَدَ عن مكاننا الشَّجر التي ترعاها مواشينا.
          وقوله: (كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ) هو بضمِّ اللام.
          وقوله: (فَجِئْتُ بِالحِلاَبِ) وهو بكسر الحاء أي: الإناءُ الذي يُحلب فيه.
          وقوله: (وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ) أي: يَصِيحون، وكذلك كلُّ صوتٍ ذليلٍ مقهورٍ، ضَغَا يَضْغُو: صاحَ وبَكَى وضجَّ، وعبارة الدَّاوُدِيِّ: يبكون ويتوجَّعُون.
          وقوله: (فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً) هو بضمِّ الفاء، وأمَّا إذا فتحتها فهي للتفصِّي مِن الهمِّ. والفُرجة بالضمِّ فُرجة الحائط، وهو المراد هنا. والفِرق: مِكْتَلٌ معروفٌ بالمدينة سِتَّة عشرَ رَطْلاً وقد تُحرَّك راؤه وأنكر القُتَبيُّ إسكانها.