التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب وضع الصبي على الفخذ

          ░22▒ بَابُ وَضْعِ الصَّبِيِّ عَلَى الفَخِذِ.
          6003- حَدَّثَنا عبدُ اللهِ بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنا عارِمٌ، حَدَّثَنا المُعْتَمِرُ بن سُلَيْمَان يُحدِّثُ عن أبيه قال: (سمعتُ أبا تَمِيمةَ يحدِّثُ، عن أبي عُثْمَان النَّهْدِيِّ، يحدِّثه أبو عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بن زَيْدٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم يَأْخُذُنِي فَيُقْعِدُنِي عَلَى فَخِذِهِ، وَيُقْعِدُ الحَسَن عَلَى فَخِذِهِ اليسرى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّي أَرْحَمُهُمَا).
          وَعَنْ عَلِيٍّ: حَدَّثَنا يَحْيَى: حَدَّثَنا سُلَيْمَان، عَنْ أَبِي عُثْمَان، قَالَ التَّيْمِيُّ: فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ، قُلْتُ: حَدَّثْتُ بِهِ كَذَا وَكَذَا، فَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي عُثْمَان، فَنَظَرْتُ فَوَجَدْتُهُ عِنْدِي مَكْتُوبًا فِيمَا سَمِعْتُ.
          الشَّرح: (عارمٌ): هو أبو النُّعمان مُحَمَّدٌ بن الفضل السَّدُوسيُّ البَصْرِيُّ، و(عارِمٌ) لقبٌ وكان بعيداً مِن العَرَامة وهي الشِّدَّة والشَّراسة، مات في صَفَر سنة أربعٍ أو ثلاثٍ وعشرين ومائتين، روى عنه البُخَارِيُّ وروى هو ومُسلمٌ وأبو داودَ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجه عن رجلٍ عنه، قيل: إنَّه تغيَّر بأَخَرةٍ.
          و(أبو تَمِيمَةَ): مِن أفراد البُخَارِيِّ واسمه طَرِيفُ بن مجالدٍ الهُجَيْمِيُّ هُجَيم بن عَمْرو بن تميمٍ مولاهم، وهو مِن بني سُلَّيِّ بن رِفَاعةَ بن عُذرةَ بن عَدِيِّ بن بَيْهَسِ بن طَرُودِ بن قُدَامةَ بن جَرْم بن رَبَّان بن حُلْون بن عِمْرَانَ بن الحافِ بن قُضَاعةَ. /
          قال ابن طاهِرٍ: باعَهُ عمُّهُ لبني يعني الهُجَيم، فأَغْلَظَتْ له مولاته فقال لها: ويحكِ، إنِّي رجلٌ مِن العرب. فلمَّا جاء زوجها قالت: أَلَا تَرَى ما يقول طَرِيفٌ فسألَهُ، فأخبرَهُ، فقال: خُذ هذه الناقةَ فاركبها، وخُذْ هذه النَّفَقة فالحَقْ بقومك، فقال: لا واللهِ لا ألحقُ بقومٍ باعوني أبداً. فكان ولاؤه لبني الهُجَيمِ حتَّى مات سنة خمسٍ وتسعين. قاله عَمْرو بن عليٍّ، وقال الواقديُّ: مات طَرِيفٌ سنة ستٍّ وتسعين.
          وفي الرُّواة أبو تَمِيمةَ آخر واسمه كَيْسَانُ، سمع ابن عُمَر، وعنه ابنه أيُّوب السَّخْتِيَانِيُّ، قاله مُسلمٌ في «كناه»، وأبو قِلَابة عبد الله بن زَيْدِ بن عَمْرو بن نَاتِل بن مالكٍ بن سُلَّيٍّ. روى لطريفٍ الجماعة إلَّا مُسلماً.
          فَصْلٌ: (الفخذِ) بفتح الفاء وكسر الخاء وسكونها وكسرها.
          وقوله: (وَيُقْعِدُ الحَسَنُ بن عليٍّ عَلَى فَخِذِهِ الأُخْرَى) ظاهره أنَّ ذلك في وقتٍ واحدٍ. وقال الدَّاوُدِيُّ: لا أراه في وقتٍ واحدٍ كان أسامةُ أكبرَ مِن الحَسَن بمدَّةٍ طويلةٍ لأنَّه ◙ أخرج أسامة إلى الحُرُقَاتِ وأخرجه إلى مِنىً، وأخرجه في الجيش الذي توفِّي رسول الله صلعم قبل خروجه، والحَسَن كان عند وفاة رسول الله صلعم ابن ستِّ سنين. وقال غيره: إنَّه وُلد سنة ثلاثٍ في رمضانَ، فيكون عُمُره عند وفاته ثماني سنين، فإنَّ وفاته ◙ سنة إحدى عشرة، وفي سنة ثلاثٍ عَلِقَت فاطمةُ بالحسين ولم يكن بينهما إلَّا طُهْرٌ واحدٌ يُقال: خمسين ليلةً.
          فَصْلٌ: ووضعُ الصَّبيِّ على الفَخِذ مِن باب رحمة الولد، وقد سلف أنَّه ◙ كان يحملُ أُمامة حفيدته على عاتِقِه في الصَّلَاة، وهو أكبر مِن إجلاسه للحسِنِ وأسامة على فخذِه في غير الصَّلَاة.
          وفيه: مساواة الرجل لابنه ولمن تبنَّاه في الرِّفْق والرَّحمة والبركة.