التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب نكت العود في الماء والطين

          ░119▒ بابٌ مَن نَكتَ العُودِ فِي المَاءِ وَالطِّينِ.
          6216- ذكر فيه حديث أبي موسى ☺ (أنَّه كَانَ مَعَ رسول الله صلعم فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ، وَفِي يَدِ رسول الله صلعم عُودٌ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ المَاءِ وَالطِّينِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ، فَقَالَ: افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ).. الحديث. فذكر عُمَر وعُثْمَان أيضاً.
          والحائِطُ: البُسْتَانُ سُمِّي بذلك لأجل الحَائِطِ المبنيِّ حولَهُ، حوَّطه عليه، وحِيْطَان: أصله حوطَان، فقُلبت الواو ياءً لانكسار ما قبلها.
          وقوله: (يَضْرِبُ بِهِ) وفي الباب الآتي: ((فجعل يَنْكُتُ في الأرض بعُودٍ))، وهو بمعنى الأوَّل، إذ هو الضَّرْب بالقَضِيب فيؤثِّر فيها، وهو ثلاثيٌّ مضمومُ الكاف، قاله ابن التِّين، وهذه عادةُ العرب أخذُ المِخْصَرة والعَصَا والاعتماد عليها عند الكلام والمحافل والخُطْبَة، وهو مأخوذٌ مِن أصلٍ كريمٍ ومعدنٍ شريفٍ ولا ينكرُها إلَّا جاهلٌ، وقد جمعَ الله تعالى لموسى ◙ في عَصَاه مِن البراهين العِظَام ما آمن به السَحرةُ المعاندون له، واتَّخذها سُلَيْمَانُ بن داود لخُطْبَتهِ موعظةً وطول صلاته، وكان ابن مَسْعُودٍ صاحب عَصَا رسول الله صلعم وَعَنَزَته، وكان ◙ يخطُبُ بالقَضِيب، وكفى بذلك دليلاً على شَرَفِ حال العَصَا، وعلى ذلك الخلفاء والخطباء، وذكرَ أنَّ الشُّعوبيَّة تُنْكِر على خُطَباء العرب أخذ المِخْصَرَة والإشارة بها إلى المعاني وهم طائفةٌ تُبغض العرب وتذكرُ مثالبها وتفضِّل عليها العَجَم، وفي استعمال الشارع المِخْصَرة الحجَّة البالغة على مَن أنكرها. وسلف عنه ◙ أنَّه طافَ يَسْتَلِم الرُّكْنَ بمِحْجَنٍ وهي عَصَا محنيَّةُ الرأس.
          وقال مالكٌ: كان عَطَاء بن يَسَارٍ يمسكُ المِخْصَرَة يستعينُ بها، فكانت العصا لا تُفَارق سُلَيْمَان بن داودَ في مُصَافاتهِ، وقال مالكٌ: كما ذكر عن عَطَاء بن يَسَارٍ أنَّه كان يمسكُ المِخْصَرَة يستعين بها، والرجل إذا كبُر لم يكن مثل الشَّباب يتقوَّى بها عند قيامهِ، وقد كان النَّاس إذا جاءهم المطر خرجوا بالعِصيِّ يتوكَّؤون عليها، حتَّى لقد كان الشباب يحبِسُون عِصَيَّهم، وربَّما أخذ ربيعةُ العَصَا مِن بعضِ مَن يجلس إليه حتَّى يقوم.