التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: في الهدي الصالح

          ░70▒ باب الهَدْيِ الصَّالِحِ.
          6097- ذكر فيه حديث حُذَيْفَةَ ☺: إِنَّ أَشْبَهَ النَّاس دَلًّا وَسَمْتًا وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلعم، لَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ لاَ نَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ إِذَا خَلاَ؟
          وقد سلف في مناقبهِ إلى قوله: (أمِّ عَبْدٍ) [خ¦3762].
          وذكر فيه أيضاً حديث عبد الله بن مَسْعُودٍ قال: إِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلعم.
          وفي سند هذا: (مُخَارقٍ): وهو ابن عبد الله، وقيل: ابن عبد الرَّحمن، وقيل: ابن خليفةَ بن جابرٍ أبو سعيدٍ الأَحْمَسيُّ، انفرد به البُخَارِيُّ.
          قال أبو عُبَيدٍ: (الهَدْي) والدَّلُّ أحدهما قريبٌ مِن الآخر، وهما مِن السَّكينة والوَقَار في الهيئة والمنظر والشَّمائل وغير ذلك. وذكر أبو عُبَيدٍ في حديث عُمَر بن الخطَّاب أنَّ أصحاب عبد الله كانوا يدخلون إليه فينظرون إلى سَمْتِه وهَدْيه ودلِّه فيتشبَّهُون به. والسَّمتُ: حسنُ الهيئة والمنظر في مذهب الدِّين وليس مِن الخيال والزِّينة، ولكن يكون له هيئة أهل الخير ومنظرهم. والسَّمت أيضاً: الطريق، يُقال: الزم هذا السَّمت. وكِلاهما له معنى جيِّدٌ، يكون أن يلزم طريقة أهل الإسلام فتكون له هيئة أهل الإسلام.
          وقال ابن التِّين: والسَّمتُ: هيئة أهل الخير. قال الدَّاوُدِيُّ: قال مالكٌ: أشبه النَّاس برسول الله صلعم في هَدْيهِ عُمَر، وأشبهُ النَّاس بِعُمَر ابنه عبد الله، وأشبه النَّاس بعبد الله سالِمٌ.
          وفيه مِن الفقه: أنَّه ينبغي للنَّاس الاقتداء بأهل الفضْلِ والصَّلاح في جميع أحوالهم، في هيئتهم وتواضعهم للخَلْق ورحمتهم وإنصافهم مِن أنفسهم، وَرِفْقهم في أخذ الحقِّ إذا وجب لهم إن أحبُّوا الاقتصاص، أو العفو عن ذلك إنْ آثروا العفو، وفي مأكلهم ومَشْرَبِهم واقتصادهم في أمورهم تبرُّكاً بذلك.