التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: لا يسب الرجل والديه

          ░4▒ بَابٌ: لاَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ.
          5973- ذكر فيه حديث عبد الله بن عَمْرٍو ☻ قال: قال النَّبِيُّ صلعم: (إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ).
          هذا الحديث أصلٌ في قطْعِ الذَّرائع، وأنَّ مَن آلَ فِعله إلى محرَّمٍ وإن لم يقصد فهو كمن قصَدَهُ وتعمَّده في الإثم، أَلَا تَرَى أنَّه ◙ نهى أن يَلعن الرجل والديه فكان ظاهره تولِّي اللَّعن، فلمَّا أخبر أنَّه إذا سبَّ أبا الرجل يسبُّ الرجل أباه وأمَّه كان كمن تولَّى ذلك بنفسه، وكان ما آلَ إليه فِعله أنَّه كلعنه في المعنى لأنَّه كان سببهُ، وَمِثله قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:108] وهذه مِن أحد آياتِ سدِّ الذَّرائع، والثانية: / {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} [البقرة:104]، والثالثة: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} الآية [النور:31]، وكذا قال المازَرِيُّ: يُؤخذ منه المنع مِن بيع الحرير ممَّن يلبسُهَا وهي لا تحلُّ له، وبيع العنب ممَّن يَعْصرهُ خمراً ويَشْرَبه لأنَّه ذكَرَ فيه أنَّ مَن فعلَ السَّبب فكأنَّه الفاعل لذلك الشيء مباشرةً.