التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ما يكون من الظن

          ░59▒ باب ما يَكُونُ مِن الظَّنِّ.
          6067- ذكر فيه حديث عائِشَةَ ♦ قالت: قال رسول الله صلعم: (مَا أَظُنُّ أنَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا). قال اللَّيثُ _يعني أحد رواته_: كَانَا رَجُلَيْنِ مِنَ المُنَافِقِينَ.
          6068- حَدَّثَنا يحيى بن بُكَيرٍ، حَدَّثَنا اللَّيثُ بهذا. وقالت: دخل عليَّ النَّبِيُّ صلعم يوماً وقال: (يَا عائِشَةُ، مَا أَظُنُّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا يَعْرِفَانِ دِينَنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ).
          الشَّرح: سُوءُ الظنِّ جائزٌ عند أهل العِلْم لمن كان مُظْهراً للقبيح، ومُجَانباً لأهل الصلاح، وغير مُشاهدٍ للصَّلوات في الجماعةِ.
          وقد قال ابن عُمَر ☻: كنَّا إذا فَقَدْنا الرجل في صلاة العِشَاء والصُّبح أسأنا به الظنَّ.
          والظنُّ هنا بمعنى اليقين لأنَّه كان يعرفُ المنافقين حقيقةً بإعلام الله له بهم في سُورة براءةَ.
          وقال ابن عبَّاسٍ: كنَّا نسمِّي سورة براءةَ الفاضِحَة، ما زالت تنزل {وَمِنْهُم} {وَمِنْهُم} حتَّى خشينا؛ لأنَّ الله قد حكى فيها أقوالَ المنافقين، وأذاهم رسولَ الله صلعم، ولَمْزَهم في الصَّدقات وغيرها، إلَّا أنَّ اللهَ لم يأمره بقتلهم، ونحن لا نعلم بالظنِّ مثل ما عَلِمه لأجل نزول الوحي عليه، فلم يجب لنا القَطْع على الظنِّ، غير أنَّه مَن ظهرَ منه فِعلٌ منكَرٌ فقد عرَّض نفسه لسوء الظنِّ والتُّهمة في دِينه، فلا حرج على مَن أساء الظنَّ به.
          ونقل ابن التِّين هذا عن بعضهم، قال: واستبعدَهُ الدَّاوُدِيُّ، فقال: تأويل اللَّيث بعيدٌ، وإنَّما يظنُّ بهذين الاثنين النِّفاق، ولم يحقِّقه، ولم يكن يَعلم المنافقين كلَّهم. قال تعالى: {لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال:60].