التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت

          ░78▒ بَابُ (إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ).
          6120- ذكر فيه حديث منصورٍ، عن رِبْعِيِّ بن حِرَاشٍ، حَدَّثَنا أبو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بن عَمْرٍو البَدْريُّ ☺ قال: قال النَّبِيُّ صلعم: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأوَّلى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ)
          هذا الحديث انفرد بإخراجه البُخَارِيُّ وقد سلف قبيل المناقب [خ¦3483] [خ¦3484].
          يريد أنَّ الحياءَ ممدوحٌ على ألسنة الأنبياء الأوَّلين، ولم يُنْسَخ في جُملةِ ما نُسخ مِن شرائعهم، قاله الخطَّابيُّ.
          وقوله: (اصْنَعْ مَا شِئْتَ) أمرٌ، ومعناه: الخبر، أي: إذا لم يكن لك حياءٌ يَمْنَعُك مِن القبيحِ صنعتَ ما شئت، يريد ما تأمرك به النَّفس مِن الهوى.
          وفيه وجهٌ آخر: أي افعَلْ ما شئت ما لا تَسْتَحْيِ منه. أي: لا تفعل ما تَسْتَحْيِ مِن فِعله.
          وفيه وجهٌ ثالثٌ: أنَّ معناه الوعيد كـ: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت:40] ولم يُطلقهم تعالى على الكُفر وفعل المعاصي، بل توعَّدهم بهذا اللفظ لأنَّه تعالى قد بيَّن لهم ما يأتون وما يَذَرُون كقوله ◙: ((مَنْ بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الخَنَازِيرَ)). فلم يكن في هذا إباحة تَشْقيص الخنازير إذ الخمرُ يحرُمُ شربها، محظورٌ بيعها.
          قال ابن بطَّالٍ: وهذا التأويل أَوْلَى، وهو الشائعُ في لسان العرب، ولم يقل أحَدٌ في تأويل الآية المذكورة غيره.