التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: من كانَ يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره

          ░31▒ بَابٌ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ.
          6018- ذكر فيه حديث أبي الأَحْوصِ _واسمهُ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ الحَنَفِيُّ مولاهم_ عن أبي حَصِينٍ _واسمه عُثْمَان بن عاصِمٍ الأسديُّ_ عن أبي صالِحٍ _ذَكْوانَ_ عن أبي هُرَيْرَةَ ☺ مرفوعاً به وزِيَادة.
          6019- وحديثَ أبي شُريحٍ الخُزَاعيِّ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ..) الحديث.
          وهو مطابقٌ لِمَا ترجم له.
          وقوله في الحديث الثاني: (جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ) قال بعضهم: قسمَ ◙ أمر الضِّيفان إلى ثلاثةٍ: يتكلَّف في أوَّلها، ثمَّ في الثاني: يقدِّم ما حضَرَ فإذا جاوز الثلاث كان مخيَّراً بين أن يستمِرَ أو يقطَعَ.
          ومعنى: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ): إيماناً كاملاً، ولا شكَّ أنَّ الضِّيافة مِن سُنن المرسلين، وقال الدَّاوُدِيُّ: يريد في إكرامهِ على ما كان يفعل في عِيَاله.
          قال وقوله: (الضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ) يحتمل أن يريد بعد اليوم والثلاثة، ويحتمل أن يدخل فيه اليوم واللَّيلة، وهو أشبهُ.
          وقال الهَرَويُّ: في الحديث بعد ((الضِّيافةُ ثلاثةُ أيَّامٍ فما زاد فهو صَدَقةٌ، وجائزتهُ يومٌ وليلةٌ)) أي: يُقرى ثلاثة أيَّامٍ ثمَّ يُعطى ما يجوز به مسافةَ يومٍ وليلةٍ، قال: وأكثره قدرُ ما يجوزُ به المسافر مِن منهلٍ إلى منهلٍ.
          وقال الخطَّابيُّ: معناه: أنَّه يتكلَّف إذا نزل به الضَّيف يوم وليلة فيتحفُهُ ويزيدُ في البِرِّ على ما يحضرهُ في سائر الأيَّام، وفي اليومين الآخرين يقدِّم له ما حَضَر، فإذا مضى الثلاث قضى حقَّه وإن زاد استوجب الصَّدَقة. وقال مالكٌ: يُحسن ضِيافتَهُ ويتحفُهُ ويُكرمه يوماً وليلةً، وثلاثة أيَّامٍ ضيافةً وما بعدها صَدَقةٌ. قال الدَّاوُدِيُّ: يعني الصَّدَقة الجائزةُ في اللُّغة: المِنْحة.
          قال سُحنُون: وإنَّما الضِّيافة على أهل القُرى دون الحَضَر. وقال الشَّافِعِيُّ: مُطلقاً وهي مِن مكارم الأخلاق، وقد حضَّ على الضِّيافة خِيَار النَّاس.
          وقيل في تفسير قوله: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ} [النِّساء:148] مَن نزلَ على صديقِهِ فلم يُحسِن ضيافتَهُ: إنَّ فلاناً قصَّر في أمري، قاله مُجَاهِدٌ، قال: والضِّيافة ليلةً واحدةً فرضٌ، واحتجَّ بالآية المذكورة.