التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب علامة حب الله

          ░96▒ باب عَلَامَاتِ الحُبِّ فِي اللهِ ╡، لِقَوْلِهِ: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عِمْرَان:31].
          6168- ذكر فيه حديث أبي وائلٍ، عن عبدِ اللهِ ☺، عن النَّبِيِّ صلعم أنَّه قال: (المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ).
          6169- حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنا جريرٌ، عن الأعمَشِ، عن أبي وائلٍ قال: قال عبدُ اللهِ ابن مَسْعُودٍ ☺: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلعم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ: (المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ).
          تابعه جريرُ بن حَازمٍ وسُلَيْمَانُ بن قَرْمٍ وأبو عَوَانَةَ، عن الأعمشِ، عن أبي وائلٍ، عن عبد الله، عن رسول الله صلعم.
          6170- ثمَّ ساق مِن حديثِ أبي نُعَيمٍ، حَدَّثَنا سُفْيَانُ، عن الأعمشِ، عن أبي وائلٍ، عن أبي موسى ☺ قال: (قيل يا رسول الله صلعم: الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ وَلَا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قَالَ: المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ). تابعه أبو مُعَاوُيَة ومُحَمَّد بن عُبَيْدٍ.
          6171- ثمَّ ساق حديث أَنَسٍ ☺: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلعم). الحديث سلف في الباب قبلَه [خ¦3688]، ويأتي في الأحكام [خ¦7153] وأخرجه مسلمٌ أيضًا.
          قوله: (تَابَعَهُ جَرِيرٌ) إلى آخره يدلُّ أنَّ جريراً الأوَّل هو ابن عبد الحَمِيْد بن قُرْطٍ الضَّبِّيُّ. ومتابعة سُلَيْمَان أخرجها مُسْلمٌ مِن حديثِ أبي الجَوَّابِ الأحوصِ بن جَوَّابٍ، عنه، وليس له في «صحيحه» سواه. ومتابعة أبي مُعَاوُيَة أخرجها ابن ماجه، عن ابن نُمَيْرٍ، عنه بمعناه.
          ومعنى: (وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ): يريد في العمل والمنزلة، ولا شكَّ أنَّ عَلَامةَ حبِّ الله / حبُّ رسوله واتِّباع سبيله والاقتداءُ بِسُنَّتِهِ لقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عِمْرَان:31]، وقوله ◙: (المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ). فدلَّ هذا أنَّ مَن أحبَّ عبداً في الله فإنَّ الله ╡جامعٌ بينَه وبينَه في جنَّتِهِ ومُدْخِلُه مُدخلَه، وإن قَصَّر عن عملِهِ، وهذا معنى قوله: (وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ) كما سلف وبيان هذا المعنى _والله أعلمُ_ أنَّه لَمَّا كان المحبُّ للصَّالحين إنَّما أحبَّهم مِن أجل طاعتهم لله تعالى، وكانت المحبَّةُ عَمَلاً مِن أعمال القلوبِ واعتقاداً لها أثابَ الله سبحانه مُعْتَقِدَ ذلك ثواب الصَّالحين إذ النِّيَّة هي الأصلُ والعملُ تابِعٌ لها، والله تعالى يُؤتِي فضله مَن يشاء.