التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر

          ░92▒ بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الغَالِبَ عَلَى الإِنْسَانِ الشِّعْرُ، حَتَّى يَصُدَّهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالعِلْمِ وَالقُرْآنِ.
          6154- ذكر فيه حديث ابن عُمَر ☻، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا).
          6155- وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: (لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا حتى يَرِيهَ خَيْرٌ له مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا).
          الشَّرح: القَيح _بفتح القاف_ المِدَّة لا يُخَالِطُهَا دمٌ، وفسَّر الشَّعْبِيُّ هذا الحديث بالشِّعر الذي هُجِي به النَّبِيُّ صلعم ووهَّاه أبو عُبَيدٍ والدَّاوُدِيُّ لأنَّ شطْرَ بيتٍ مِن ذلك كُفْرٌ والراوي أحدُ الشَّاتمين. قال أبو عُبَيدٍ: والذي عندي أنَّه إذا غَلَب عليه وصدَّه عن الذِّكْر والقرآن. كما بوَّب عليه البُخَارِيُّ.
          وقوله: (حَتَّى يَرِيهِ) أي: يأكلَه. قال الأصْمَعِيُّ: هو مِن الوَرْي على مِثَال الرَّمْي، يُقال منه: رَجُلٌ مُوْرِيٌّ _غير مهموزٍ مشدَّدٍ_ وهو أن يروَى جَوفُه. وكذا قاله الأَزْهَريُّ. وقال أبو عُبَيدٍ: الوَرْيُ: هو أن يأكلَ القَيْحُ جَوْفَهُ. وأنشد الأصْمَعِيُّ:
قَالَتْ لَهُ وَرْياً إذا تَنَحْنَحَا
          أي: تدعو عليه بالوَرْيِ، وقال الجَوْهرِيُّ: وَرَى القَيْحُ جَوْفَهُ وَرْياً: أَكَلَه، والاسم: الوَرَي بالتحريك.
          قال الفرَّاء: يُقال سلَّطَ اللهُ عَلَيه الوَرَى وحمَّى خَيْبرَ.
          وقال ابن الأثير: هو مِن الورى: الدَّاء، يُقال: وَرَى يورَى فهو مُوْرِيٌّ: إذا أصاب جوفَهُ الدَّاء. وقال الفرَّاء: هو الوَرَى بفتح الرَّاء. وقال ثعلبٌ: هو بالسُّكون المصدر، وبالفتح الاسم. وقالَ قومٌ: معناه حتَّى يُصِيبَ رِئته، وأنكره غيرهم لأَّن الرِّئة مهموزةٌ وإذا بَنيتَ منه فِعلاً قلتَ: رَآهُ يَرْآهُ فهو مرئيٌّ، وقال الأَزْهَرِيُّ: إنَّ الرِّئة أصلُها مِن وَرَى، وهي محذوفةٌ منه تقول: وَرَيْتُ الرَّجُلَ، فهو مُوْرِيُّ إذا أصبتَ رئتهُ، والمشهور في الرِّئة الهمز.