شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه

          ░86▒ بَاب لا تَأْذَنِ الْمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ.
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلا تَأْذَنَ في بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ). [خ¦5195]
          قال المُهَلَّب: قوله: (لَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِ زَوجِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ) يعني لا لرجلٍ ولا لامرأةٍ يكرهها زوجها، فإنَّ ذلك يوجب سوء الظنِّ، ويبعث الغيرة التي هي سبب القطيعة، ويشهد لهذا قوله ◙: ((انظرن ما أخواتكنَّ))، وإن كان الإذن للنساء أخفَّ من الإذن للرجال.
          فإن قيل: قد جاء لفظ حديث أبي هريرة مختلفًا، وذلك أنَّه ذكر في كتاب الطلاق أنَّ النبيَّ صلعم(1) قال: ((إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره، فله نصف أجره))، [خ¦5360] فهل يعارض قوله ◙: (فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ)، أم لا؟
          قيل: لا تعارض بينهما، بل أحد اللفظين مفسِّرٌ للآخر، وذلك أنَّ هذا الحديث إنَّما ورد في المرأة إذا تصدَّقت من مال زوجها بغير إذنه بالمعروف ممَّا تعلم أنه يسمح به ولا يتشاحُّ به، وقوله: ((فله نصف أجره))، يفسِّر قوله: (يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ)، يعني أنَّه(2) يتأدَّى إليه من أجر الصدقة مثل ما يتأدَّى إلى المتصدِّق من الأجر، ويصيران في الأجر نصفين، ويشهد لهذا قوله ◙: ((الدالُّ على الخير كفاعله))، وهذا يقتضي المساواة.


[1] في (ص): ((كتاب الطلاق أنه)).
[2] قوله: ((أنه)) ليس في (ص).