شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا تزوج البكر على الثيب

          ░100▒ بَاب إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْر على الثَّيِّب.
          فيه أَنَسٌ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ: قَالَ النَبيُّ صلعم وَلَكِنْ قَالَ: (السُّنَّةُ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ، أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ، أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا). [خ¦5213]
          قال ابن عبد الحكم: لم يعنِ بهذا الحديث من ليست له امرأةٌ، ثمَّ تزوَّج أن يقيم عندها سبعًا أو ثلاثًا، وإنَّما(1) أريد به من له زوجةٌ(2)، ثمَّ تزوَّج عليها أخرى، وقال بعض العلماء: والمراد(3) بالحديث العموم، والمقام عند البكر سبعًا وعند الثيِّب ثلاثًا واجبٌ لهما، كان عند الرجل زوجةٌ أم لا؛ لأنَّ السنَّة لم تخصَّ من له زوجةٌ ممَّن لا زوجة له.
          قال المؤلِّف: والقول الأوَّل هو الصحيح، وقد بيَّنه سفيان، عن أيُّوب وخالدٍ، عن أبي قِلابة، عن أنسٍ في الباب بعد هذا، قال: ((من السنَّة إذا تزوَّج البكر على الثيِّب أقام عندها سبعًا، وإذا تزوَّج الثيِّب أقام عندها ثلاثًا ثمَّ قسم))، لأنَّه لا يقسم الذي يقيم عند الثيِّب ثلاثًا إلَّا من تقدَّم عنده زوجةٌ أخرى أو أكثر(4)، فبان بهذا الحديث، أنَّ المراد به من له زوجةٌ أخرى ثمَّ تزوَّج عليها(5).
          وروى ابن القاسم، عن مالكٍ: أنَّ مقامه عند البكر سبعًا، وعند الثيِّب ثلاثًا إذا كان له امرأةٌ أخرى واجبٌ، وروى عنه(6) ابن عبد الحكم أنَّ ذلك مستحبٌّ وليس بواجبٍ. قال ابن حبيبٍ: ويخرج إلى حوائجه وصلاته بكرًا كانت أو ثيِّبًا، كانت له زوجةٌ أخرى أم لا.
          وروى ابن أبي أويسٍ، عن مالكٍ فيمن دخل على امرأته ليلة الجمعة أيتخلَّف عن الجمعة؟ قال: لا، تزوَّج أمير المؤمنين المهديُّ بالمدينة، فخرج إلى الصبح وغيرها. وروى ابن القاسم، عن مالكٍ في «العتبيَّة»، قال: لا يتخلَّف العروس عن الجمعة ولا عن حضور الصلوات في جماعةٍ(7)، وهو قول الشافعيِّ، وقد قال سَحنون: قال(8) بعض الناس: لا يخرج، وذلك حقٌّ لها بالسُّنَّة.
          قال المؤلِّف: هذا على من تأوَّل إقامته عند البكر والثيِّب على العموم، ومن رأى أن يخرج إلى الصلوات تأوَّل(9) / إقامته عندها على(10) ما يجب لها من القسمة والمبيت دون غيرها من زوجاته، وليس(11) ذلك بمانعٍ له من حضور الصلوات كما يفعل غير العروس في قسمه(12) بين نسائه، وليس له التخلُّف عن الجماعات(13).
          وقال المُهَلَّب: إنَّما خصَّت البكر بالسبع _والله أعلم_ لما في خلق الأبكار من الاستيحاش من الرجال والنِّفار عن مباشرتهم ولما يلقى الرجل(14) من معالجتهنَّ في الوصول إليهنَّ، وأمَّا(15) الثلاث للثيِّب فلسهولة أمرها وعلمها بمباشرة الرجال لم تحتج أن يوسَّع لها من(16) المدَّة بأكثر من ثلاثٍ.


[1] في (ص): ((ولكن)).
[2] في (ص): ((امرأة)).
[3] في (ص): ((فقال بعض العلماء: المراد)).
[4] قوله: ((لأنه لا يقسم الذي ًا.... أخرى أو أكثر)) ليس في (ص).
[5] في (ص): ((له زوجة ثم تزوج عليها أخرى)).
[6] قوله: ((عنه)) ليس في (ص).
[7] قوله: ((في جماعة)) ليس في (ص).
[8] في (ص): ((قال سحنون: وقد قال)).
[9] في (ص): ((فتأول)).
[10] قوله: ((على)) زيادة من (ص).
[11] في (ص): ((من أزواجه فليس)).
[12] في (ص): ((قسمته)).
[13]
[14] في (ز): ((تلقى من الرجال)) والمثبت من (ص).
[15] في (ص): ((فأما)).
[16] في (ص): ((يفسح لها في)).