شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من طاف على نسائه في غسل واحد

          ░102▒ بَاب مَنْ طَافَ على نِسَائِهِ في غُسْلٍ وَاحِدٍ.
          فيه: أَنَسٌ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم كَانَ يَطُوفُ على نِسَائِهِ في اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ). [خ¦5215]
          قد تقدَّم هذا الباب في كتاب الطهارة، [خ¦268] وأنَّه يحتمل أن يكون يفعل هذا ◙ في(1) حين إقباله من سفره حيث لا قسمة تلزمه؛ لأنَّه حينئذٍ لا تكون واحدةٌ منهنَّ(2) أولى بالابتداء من صاحبتها، فلمَّا استوت حقوقهنَّ جمعهنَّ كلهنَّ في ليلةٍ، ثمَّ استأنف القسمة بعد ذلك، ويحتمل أن يكون ذلك بطيب أنفس أزواجه وإذنهنَّ له(3) فيه، يدلُّ على ذلك سؤاله ◙ أزواجه أن يُمرَّض في بيت عائشة، حكاه ابن المنذر عن أبي عبيدٍ.
          وقال(4) المُهَلَّب: يحتمل أن يكون ذلك في يوم يُقرَع فيه بالقسمة بين أزواجه، فيقرع هذا اليوم لهنَّ كلهنَّ يجمعهنَّ فيه، ثمَّ يستأنف(5) بعده القسمة، والله أعلم. إلَّا أنَّ هذا من فعل النبيِّ صلعم في القسم بينهنَّ شيءٌ تبرَّع به وتطوَّع لما جبله الله عليه من العدل؛ لأنَّ الله تعالى قد رفع عنه مؤونة القسمة بينهنَّ بقوله: {تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}[الأحزاب:51].
          ولا يجوز عند جميع(6) العلماء أن يطأ الرجل امرأته في ليلةٍ أخرى، وإنَّما يجوز في الإماء حيث لا قسمة لهنَّ. قال ابن حبيبٍ: وإذا وطئ الرجل إحدى امرأتيه في يومها، ثمَّ أراد أن يطأ الأخرى قبل أن يغتسل، فحلَّلته(7) امرأته التي لها ذلك اليوم فلا بأس به، ويكره للرجل أن يجمع بين امرأتيه من نسائه في فراشٍ واحدٍ وإن رضيتا بذلك، ولا(8) يجوز أن يطأ إحداهما(9) والأخرى معه في البيت وإن لم تسمع ذلك.
          قال ابن الماجِشون: ويكره أن تكون معه في البيت بهيمةٌ أو حيوانٌ، وكان ابن عمر إذا فعل ذلك أخرج كلَّ من عنده في البيت، حتَّى الصبيَّ الممهود، ولا بأس أن يطأ امرأته الحرَّة، ثمَّ يطأ أمته قبل أن يغتسل، ولا بأس أن يطأ أمته، ثمَّ يطأ امرأته قبل أن يغتسل(10).
          قال غيره: لمَّا جاز أن يطأ امرأته مرَّتين وثلاثًا، ثمَّ يغتسل في آخر ذلك إذا حضر وقت الصلاة جاز له أن يطأ امرأتين في ليلةٍ إذا أذنت له صاحبة الليلة ويغتسل غُسلًا واحدًا، كما طاف رسول الله صلعم على نسائه في غسلٍ واحدٍ في ليلةٍ.
          قال ابن الماجِشون: ولا يجب على الرجل غشيان(11) امرأتيه جميعًا في ليلتهما، ولا بأس أن يغشى إحداهما ويكفَّ عن الأخرى ما لم يرد به الضرر والميل.


[1] في (ص): ((فعل ذلك)).
[2] في (ص): ((منهن واحدة)).
[3] قوله: ((له)) ليس في (ص).
[4] في (ص): ((قال)).
[5] في (ص): ((ثم ليستأنف)).
[6] في (ص): ((جماعة)).
[7] في (ص): ((فحللت)).
[8] في (ص): ((وإن رضيا به لكن لا)).
[9] في (ص): ((الواحدة)).
[10] قوله: ((ولا بأس أن يطأ أمته، ثم يطأ امرأته قبل أن يغتسل)) ليس في (ص).
[11] في (ص): ((أن يغشى)).