شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: لزوجك عليك حق

          ░89▒ بَاب لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ.
          قَالَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ عَنِ النَّبيِّ صلعم.
          فيه عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: قال النَّبيُّ صلعم(1): (أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وتَصُومُ(2)؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَلا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ(3) عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا). [خ¦5199]
          لمَّا ذكر في الباب / قبل هذا حقَّ الزوج على المرأة، ذكر في هذا الباب حقَّ المرأة على الزوج، وأنَّه لا ينبغي له(4) أن يجحف نفسه في العبادة حتَّى يضعف عن القيام بحقوق(5) أهله من جماعها والكسب عليها.
          واختلف العلماء في الرجل يشتغل بالعبادة عن حقوق أهله، فقال مالكٌ: إذا كفَّ عن جماع امرأته(6) من غير ضرورةٍ لا يترك حتَّى يجامع أو يفارق على ما أحبَّ أو كره؛ لأنَّه مضارٌّ بها. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يؤمر أن يبيت عندها ويفطر لها.
          وقال الشافعيُّ: لا يفرض عليه من الجماع شيءٌ(7) بعينه وإنَّما تفرض لها الكسوة والنفقة(8) والسكنى، وأن يأوي إليها.
          وقال الثوريُّ: إذا شكت المرأة أنَّه لا يأتيها زوجها، له ثلاثة أيَّامٍ ولها يومٌ وليلةٌ، وبه قال أبو ثورٍ. وقال ابن المنذر: وأعلى ما في هذا الباب قول الثوريِّ قياسًا على ما أباح الله للرجال من اتِّخاذ أربع نسوةٍ.
          وروى عبد الرزَّاق، عن الثوريِّ، عن مالك بن مِغْوَلٍ، عن الشَّعبيِّ قال: جاءت امرأةٌ إلى عمر، فقالت: يا أمير المؤمنين، زوجي خير الناس يقوم الليل ويصوم النهار(9)، فقال عمر: لقد أحسنت الثناء على زوجك، فقال كعب بن سُورٍ: لقد اشتكت وأعرضت(10) الشكية، فقال عمر: اخرج ممَّا قلت(11)، قال: أرى أن ينزَّل بمنزلة رجلٍ له أربع نسوةٍ له ثلاثة أيَّامٍ ولياليهنَّ(12)، ولها يومٌ وليلةٌ.
          وروى ابن عيينة، عن زكريَّا، عن الشَّعبيِ، أنَّ عمر قال لكعبٍ: وإذا(13) فهمت ذلك فاقض بينهما، فقال: يا أمير المؤمنين، أحلَّ الله من النساء مثنى وثلاث ورباع، فلها من كلِّ أربعة أيَّامٍ يومٌ يفطر ويقيم عندها، ولها من كلِّ أربع ليالٍ ليلةٌ يبيت عندها، فأمر عمر الزوج بذلك.


[1] زاد في (ص): ((يا عبد الله)).
[2] في (ص): ((أنه تصوم النهار وتقوم الليل)).
[3] في (ص): ((ولزوجك)). وقوله: ((وإن لعينك عليك حقًا)) زيادة من (ص).
[4] قوله: ((له)) ليس في (ص).
[5] في (ص): ((بحق)).
[6] في (ص): ((أهله)).
[7] قوله: ((شيء)) زيادة من (ص).
[8] في (ص): ((النفقة والكسوة)).
[9] في (ص): ((يصوم النهار ويقوم الليل)).
[10] في (ص): ((فأعرضت)).
[11] في (ص): ((اخرج من مقالتك)).
[12] في (ص): ((ولياليها)).
[13] في (ص): ((فإذا)).