شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا استأذن الرجل نساءه في أن يمرض في بيت بعضهن فأذن له

          ░104▒ باب: اسْتئذانُ الرَّجُلُ نِسَاءَهُ(1) أَنْ يُمَرَّضَ في بَيْتِ بَعْضِهِنَّ فَأَذِنَّ لَهُ(2).
          فيه عَائِشَةُ: (أَنَّ النَبيَّ صلعم كَانَ يَسْأَلُ في مَرَضِهِ الذي مَاتَ فِيهِ: أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ في بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ في الْيَوْمِ الذي كان يَدُورُ عَلَيَّ(3) فِيهِ في بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللهُ، وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ(4) نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي). [خ¦5217]
          فيه(5): حبُّ الرجل لبعض أزواجه أكثر من بعضٍ.
          وفيه: أنَّ القسمة حقٌّ للزوجة، ولذلك استأذنهنَّ ◙ أن يُمرَّض في بيت عائشة، وإنَّما فعل ذلك لأنَّها كانت أرفق به وألطف بتمريضه(6)، مع أنَّ المرض إذا كان ثقيلًا لا يقدر فيه على الانتقال والحركة سقطت القسمة.
          قال ابن حبيبٍ: إذا مرض مرضًا يقوى معه على الاختلاف فيما بينهنَّ كان له أن يعدل بينهنَّ في القسم، إلَّا أن يكون مرضه مرضًا(7) قد غلبه ولا يستطيع(8) على الاختلاف، فلا بأس أن يقيم حيث أحبَّ، ما لم يكن منه ميلًا، فإذا صحَّ عَدلَ بينهنَّ في القسم(9)، ولم يحتسب للتي لم يقم عندها ما أقام عند غيرها، وهو قول مالكٍ.
          واتَّفقوا إذا مرضت المرأة أنَّ لها أيَّامها من القسمة كالصحيحة، واختلفوا إذا اشتدَّ مرضها وثقلت، فقال الشافعيُّ: لا بأس أن يقيم عندها حتَّى تخفَّ أو تموت، ثمَّ يوفِّي من بقي من نسائه مثل ما أقام عندها، وبه قال أبو ثورٍ، وقال الكوفيُّون: ما مضى هدرٌ، ويستأنف العدل فيما يستقبل.
          وقولها: (بَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي)، فالنحر معروفٌ وهو الصدر. وقال(10) أبو عبيدٍ: قال أبو زيدٍ: وبعضه عن أبي عمرٍو وغيره: السحر ما تعلَّق بالحلقوم، ولهذا قيل للرجل إذا جبن: قد انتفخ سحره، كأنَّهم إنَّما أرادوا الرئة وما معها. وقال أبو عبيدة(11): هو السَّحر. وقال الفرَّاء: السُّحْر، قال أبو عبيدٍ(12): وأكثر العرب على ما قال أبو عبيدة(13).


[1] زاد في (ص): ((في)).
[2] قوله: ((فأذن له)) زيادة من (ص).
[3] في (ز): ((الذي يدور عليه)) والمثبت من (ص).
[4] في (ص): ((بين)).
[5] في (ص): ((وفيه)).
[6] في (ص): ((بمرضه)).
[7] قوله: ((مرضًا)) ليس في (ص).
[8] في (ص): ((ولا يقدر)).
[9] في (ص): ((القسمة)).
[10] في (ص): ((قال)). وقوله: ((قال أبو زيد)) ليس فيها.
[11] في (ز): ((عبيد)) والمثبت من (ص) وكذا هو في غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام.
[12] قوله: ((السحر، قال أبو عبيد)) ليس في (ص).
[13] في (ص): ((عبيد)).