شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: لا تنكح المرأة على عمتها

          ░27▒ بَابُ لا تُنْكَحُ المَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا
          فيهِ جَابِرٌ: (نَهَى النَّبيُّ صلعم أَنْ تُنْكَحَ المَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا). [خ¦5108]
          وفيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، مثله، وَزَادَ الزُّهْرِيُّ: فَنُرَى خَالَةَ أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ؛ لأنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: (حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ). [خ¦5110] [خ¦5111]
          أجمع العلماء أنَّه لا يجوز الجمع بين المرأة وعمَّتها وإن عَلَت، ولا بين المرأة وخالتها وإنْ عَلَت.
          وقال عبدُ الملكِ بنُ حبيبٍ: ولا يجمع بين المرأة وعمَّة عمَّتها وعمَّة أبيها وخالة أبيها، وكذلك المرأة وخالتها(1) وخالة خالتها وخالة أمِّها وعمَّة أمِّها، قال عبدُ الملكِ: وأمَّا(2) خالة عمَّتها، فإنَّ ابن المَاجِشُونِ قال لي: إنْ تكن أمُّ العمَّة وأمُّ الأب واحدةً فهي كالخالة، فإنَّها(3) خالة أبيها، وإنْ تكن أمُّها غير أمِّ الأب، فلا بأس بالجمع بينهما إنَّما هي امرأةٌ أجنبيَّةٌ، ألا ترى أنَّ أباها ينكحُها.
          قال غيره: إنَّما ينكح خالة العمَّة أخو العمَّة؛ لأنَّها أخت خالته(4) لأبٍ، والخؤولة(5) إنَّما تحرم مِنْ قبل الأمِّ، فإذا كانت مِنْ قبل الأب فلا حُرمة لها(6) كرجلٍ له أخٌ لأبٍ، وله أختٌ لأمٍّ، فيجوز أنْ يتزوَّجَ كلُّ واحدٍ منهما بالآخر(7) لأنَّهما لا يجتمعان إلى أبٍ ولا إلى أمٍّ(8).
          قال ابنُ المَاجِشُونِ: وأمَّا عمَّة خالتها، فإنَّ تلك خالتها(9) أخت أمِّها لا خالتها(10) لأبيها، فإنَّ عمَّة خالتها عمَّة أمِّها، فلا يجتمعان، ألا ترى أنَّه لو كان في موضعها رجلٌ لم تحلَّ له، وإنْ كانت خالتها أخت أمِّها لأمِّها دون أبيها فلا بأسَ أنْ يجمعَ بينها وبين عمَّة خالتها لأبيها(11) لأنَّها منهما أجنبيَّةٌ لو كانت إحداهما رجلًا حلَّت له الأخرى.
          قال ابنُ المُنْذِرِ: ولست أعلم في تحريم الجمع بين المرأة وعمَّتها أو خالتها خلافًا إلَّا فرقةً مِنَ الخوارج، وإذا ثبت الشَّيء بالسُّنَّة، وأجمع أهلُ العلمِ عليه لم يضرَّ(12) خلاف مَنْ خالفه.
          وأمَّا قولُ الزُّهْرِيِّ: فنرى خالة أبيها بتلك المنزلة؛ لأنَّ عُرْوَةَ حدَّثني عن عائشةَ قالت(13): (حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاع(14) مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ)، فلا حاجة إلى تشبيهها بما حرم بالرَّضاع، فهو استدلالٌ غير صحيحٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ؛ لأنَّه استدلَّ على تحريم مَنْ حُرِّمَت بالنِّسب بتحريم مَنْ حُرِّمَت بالرَّضاع.
          قال ابنُ المُنْذِرِ: ويدخل في معنى هذا الحديث / تحريم نكاح الرَّجل المرأة على عمَّتها مِنَ الرَّضاعة وخالتها(15) مِنَ الرَّضاعة لقولِ النَّبِيِّ(16): (يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحرُمُ مِنَ النَّسَبِ(17)).


[1] قوله: ((وإن علت، وقال عبدُ الملكِ بنِ حبيبٍ: ولا يجمع بين المرأة وعمَّة عمَّتها وعمَّة أبيها وخالة أبيها، وكذلك المرأة وخالتها)) ليس في (ص).
[2] في (ز): ((فأمَّا)).
[3] في المطبوع: ((فلأنَّها))، وفي (ز): ((لأنَّها)).
[4] قوله: ((خالته)) ليس في (ص).
[5] في (ز) صورتها: ((ويجوز له)).
[6] قوله: ((لها)) ليس في (ز).
[7] في (ص): ((لآخر)).
[8] في المطبوع: ((لا إلى الأب ولا إلى الأمِّ)).
[9] قوله: ((خالتها)) ليس في (ص).
[10] قوله: ((لا خالتها)) ليس في (ز).
[11] قوله: ((لأبيها)) ليس في (ز).
[12] في (ز): ((يضرَّه)).
[13] في (ز): ((قال)).
[14] في المطبوع: ((الرَّضاعة)).
[15] في (ز): ((الرَّضاعة وإنكاحها على خالتها)).
[16] في (ز): ((لقوله ◙)).
[17] زاد في (ز): ((إنْ شاءَ اللهُ تعالى ╖)).