-
المقدمه
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب الحج
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الذبائح
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب البيوع
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب العارية
-
كتاب النكاح
-
كِتَاب الرضاع
-
باب: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم}
-
باب من قال لا رضاع بعد حولين
-
باب لبن الفحل
-
بابُ شهادة المرضعة
-
باب ما يحل من النساء وما يحرم
-
باب: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بهن}
-
باب: {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف}
-
باب: لا تنكح المرأة على عمتها
-
باب الشغار
-
باب: هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد؟
-
باب نهي رسول الله عن نكاح المتعة آخرًا
-
باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح
-
باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير
-
باب قول الله جل وعز: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة}
-
باب النظر إلى المرأة قبل التزويج
-
باب من قال: لا نكاح إلَّا بولي
-
باب إذا كان الولي هو الخاطب
-
باب إنكاح الرجل ولده الصغار
-
باب تزويج الأب ابنته من الإمام
-
باب: السلطان ولي
-
باب: لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها
-
باب: إذا زوج ابنته وهي كارهة فنكاحه مردود
-
باب تزويج اليتيمة
-
باب: إذا قال الخاطب للولي زوجني فلانة
-
باب: لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع
-
باب تفسير ترك الخطبة
-
باب الخطبة
-
باب ضرب الدف في النكاح والوليمة
-
باب قول الله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}
-
باب التزويج على القرآن وبغير صداق
-
باب الشروط في النكاح
-
باب الشروط التي لا تحل في النكاح
-
باب الصفرة للمتزوج
-
باب: كيف يدعى للمتزوج
-
باب الدعاء للنساء اللاتي يهدين العروس وللعروس
-
باب من أحب البناء قبل الغزو
-
باب البناء في السفر
-
باب البناء بالنهار بغير مركب ولا نيران
-
باب الأنماط ونحوها للنساء
-
باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها
-
باب الهدية للعروس
-
باب استعارة الثياب للعروس وغيرها
-
باب ما يقول الرجل إذا أتى أهله
-
باب: الوليمة حق
-
باب الوليمة ولو بشاة
-
باب مَن أولم على بعض نسائه أكثر من بعض
-
باب من أولم بأقل من شاة
-
باب حق إجابة الوليمة والدعوة
-
باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله
-
باب من أجاب إلى كراع
-
باب إجابة الداعي في العرس وغيرها
-
باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس
-
باب: هل يرجع إذا رأى منكرًا في الدعوة؟
-
باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس
-
باب المداراة مع النساء
-
باب الوصاة بالنساء
-
باب: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا}
-
باب: حسن المعاشرة مع الأهل
-
باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها
-
باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا
-
باب: إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها
-
باب: لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه
-
باب[النساء غالبًا ما يفعلن المنهيات المذكورة فيستوجبن النار]
-
باب كفران العشير
-
باب: لزوجك عليك حق
-
باب: المرأة راعية في بيت زوجها
-
باب قول الله تعالى: {الرجال قوامون على النساء}
-
باب هجرة النبي نساءه في غير بيوتهن
-
باب ما يكره من ضرب النساء
-
باب: لا تطيع المرأة زوجها في معصية
-
باب: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا}
-
باب العزل
-
باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرًا
-
باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها وكيف يقسم ذلك؟
-
باب العدل بين النساء
-
باب: إذا تزوج البكر على الثيب
-
باب: إذا تزوج الثيب على البكر
-
باب من طاف على نسائه في غسل واحد
-
باب دخول الرجل على نسائه في اليوم
-
باب: إذا استأذن الرجل نساءه في أن يمرض في بيت بعضهن فأذن له
-
باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض
-
باب المتشبع بما لم ينل وما ينهى من افتخار الضرة
-
باب الغيرة
-
باب غيرة النساء ووجدهن
-
باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف
-
باب: يقل الرجال ويكثر النساء
-
باب: لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة
-
باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس
-
باب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة
-
باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة
-
باب خروج النساء لحوائجهن
-
باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره
-
باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في الرضاع
-
باب: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها
-
باب قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائه
-
باب: لا يطرق أهله ليلًا إذا أطال الغيبة مخافة أن يخونهم
-
باب طلب الولد
-
باب: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن}
-
بابٌ: {والذين لم يبلغوا الحلم}
-
باب قول الرجل لصاحبه: هل أعرستم الليلة؟
-
باب: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم}
-
كتاب الطلاق
-
كِتَاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الأحكام
-
كتاب الإكراه
-
[كتاب الحيل]
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الرجم
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب الأطعمة
-
[كتاب التعبير]
-
كتاب الفتن
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب]فضائل القرآن
-
[كتاب التمني]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░36▒ بَابُ مَنْ قَالَ: لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ
لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ(1)}[البقرة:232]فَدَخَلَ فِيهِ الثَّيِّبُ وَالبِكْرُ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تُنْكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}[البقرة:221]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ}[النُّور:32].
فيهِ عَائِشَةُ: أَنَّ النِّكَاحَ كانَ في الجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ اليَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ابْنَتَهُ أَوْ وَلِيَّتَهُ(2)، فَيُصْدِقُهَا، ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَالنِّكَاحُ الآخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلانٍ، فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا، إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ / ذَلِكَ(3) رَغْبَةً في نَجَابَةِ الوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاسْتِبْضَاعِ.
وَنِكَاحٌ آخَرُ، يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ العَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَمَرَّ لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ(4) أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، فتَقُولُ(5) لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمْ(6) الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ وهُوَ(7) ابْنُكَ يَا فُلانُ تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لَا(8) يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ منهُ الرَّجُلُ(9). وَالنِّكَاحُ الرَّابِعِ، يَجْتَمِعُ النَّاسُ الكَثِيرُ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ لَا تَمْنَعُ مَنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ البَغَايَا، كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا، وجُمِعُوا(10) لَهَا، وَدَعَوْا القَافَةَ لَهُمْ(11)، ثُمَّ أَلْحَقُوا(12) وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ فَالْتَاطَ(13) بِهِ، وَدُعِي ابْنَهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صلعم بِالحَقِّ، هَدَمَ نِكَاحَ الجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ اليَوْمَ. [خ¦5127]
فيهِ(14) عَائِشَةُ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ(15)} الآيةَ(16)[النِّساء:127]، قَالَتْ: هَذَا في اليَتِيمَةِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ شَرِيكَتَهُ في مَالِهِ، وَهُوَ أَوْلَى بِهَا، فَيَرْغَبُ عَنْهَا أَنْ يَنْكِحَهَا، فَيَعْضُلَهَا لِمَالِهَا، وَلَا يُنْكِحَهَا غَيْرَهُ كَرَاهِيَةَ(17) أَنْ يَشْرَكَهُ أَحَدٌ في مَالِهَا. [خ¦5128]
وفيهِ عُمَرُ: (حِيْنَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ ابِنْتُهُ مِنِ ابنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ _وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلعم _ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ تُوُفِّي بِالمَدِيْنَةِ(18)، فَقَالَ(19) عُمَرُ: لَقِيْتُ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ(20)، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ، فَقَالَ: سَأَنْظُرُ في أَمْرِي، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، ثُمَّ لَقِيَنِي، فَقَالَ: بَدَا لِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا، فَقَالَ عُمَرُ: فَلَقِيْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ). [خ¦5129]
وفيهِ مَعْقِلُ بنُ يَسَارٍ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا(21) تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيْهِ، قَالَ: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ(22): (زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا، لَا وَاللهِ، لَا تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلًا(23) لا بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتِ المَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}، فَقُلْتُ: الآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ)(24). [خ¦5130]
اتَّفق جمهورُ العلماءِ(25) أنَّه لا يجوز نكاحٌ إلَّا بوليٍّ إمَّا مناسبٌ أو وصيٌّ أو السُّلطانُ، ولا يجوز عقد المرأة على نفسها بحالٍ، رُوِيَ هذا عن عُمَرَ وعليٍّ وابنِ عبَّاسٍ وابنِ مَسْعُودٍ(26) وأبي هريرةَ ورُوِيَ عن شُرَيْحٍ وابنِ المُسَيَّبِ والحَسَنِ وابنِ أبي ليلى، وهو قول مالكٍ والثَّوْرِيِّ وأبي يُوسُفَ ومُحَمَّدٍ والشَّافعيِّ وأحمدَ وإِسْحَاقَ وأبي عُبَيْدٍ.
وحكى ابنُ المُنْذِرِ عنِ الشَّعْبِيِّ والزُّهْرِيِّ أنَّه إذا تزوَّجت بغير إذن وليِّها كفؤًا فهو جائزٌ. وقال مالكٌ في المعتقة والمسكينة الَّتي لا خطب لها، فإنَّها تستخلُف على نفسها مَنْ يزوِّجها، ويجوز ذلك، وكذلك المرأة يكفلها الرَّجل أنَّ تزويجه عليها جائزٌ، وأمَّا(27) كلُّ امرأةٍ لها قدرٌ وغنًى فلا يزوِّجها إلَّا الوليُّ(28) أو السُّلطان(29).
قال(30) أبو حنيفةَ: إذا كانت بالغةً عاقلةً(31) زالت ولاية الوليِّ عنها، فإنْ عقدت بنفسها جاز، وإنْ ولَّت رجلًا حَتَّى عقد جاز، ووافقنا على أنَّها إذا وضعت نفسها في غير كفؤٍ كان للولِّي فَسْخُ النِّكاح.
وشذَّ أهل الظَّاهر أيضًا، فقالوا: إنْ كانت بِكْرًا فلا بدَّ مِنْ وليٍّ، وإنْ كانت ثيِّبًا لم تحتجْ إلى وليٍّ، وهذا خلاف الجماعة.
قال ابنُ القَصَّارِ: والدَّليل على أنَّها لا تعقد على نفسها بحال قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ(32)}[البقرة:232]، والدَّلالة(33) في الآية(34) مِنْ وجهين: أحدهما: أنَّ الله عاتبَ معقلًا لَمَّا امتنعَ مِنْ ردِّ أخته إلى زوجها، ولو كان لها أنْ تزوِّج(35) نفسها أو تعقد(36) النِّكاح لم يعاتب أخوها على الامتناعِ منه ولا أمره رسول الله بالحنث(37)، فدلَّ على أنَّ النِّكاحَ كان إليه دونها.
والوجه الثَّاني: قوله تعالى: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ}[البقرة:232]، والعَضْلُ هو المنعُ مِنَ التَّزويجِ، فمنعَ الله الأولياء مِنَ الامتناعِ مِنْ تزويجهنَّ كما وعظ(38) أولياء اليتامى أنْ يعضلوهنَّ إذا رغبوا في أموالهنَّ، فلو كان العقدُ إليهنَّ لم يكنَّ ممنوعاتٍ.
قال المُهَلَّبُ: / وفي هذا دليلٌ على أنَّ الرَّجل إذا عضلَ وليَّته وثَبَتَ عضله لها يفتئت(39) عليه السُّلطان فيزوِّجها بغير أنْ يأمرَه بالعقد لها، ويردَّه عنِ العضلِ كما ردَّ النَّبيُّ صلعم معقلًا عن ذلك إلى(40) العقد، ولم يعقدِ النَّبِيُّ صلعم، بل دعاه إلى العقد بالحنث(41) في يمينه، إذ عقده لأخته مع(42) مَنْ تحبُّه خيرٌ مِنْ إبرار اليمين، وأيضًا قوله تعالى: {وَلاَ تُنكِحُوا المُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}[البقرة:221]، وقوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ}[النُّور:32]، فلم يُخَاطَب بالنِّكاح غير الرِّجال، ولو كان إلى(43) النِّساء لذكرْنَ في ذلك.
قال الطَّبَرِيُّ: في(44) حديث حَفْصَةَ حين تأيَّمت، وعقد عُمَرُ عليها النِّكاح ولم(45) تعقده هي، إبطال قول مَنْ قال: إنَّ للمرأة البالغة المالكة لنفسها تزويج نفسها، وعقد النِّكاح عليها دون وليِّها، ولو كان ذلك لها(46) لم يكن رسولُ اللهِ صلعم ليدع خطبة حَفْصَةَ إلى نفسها، إذ كانت أولى بنفسها مِنْ أبيها، ولخطبها(47) إلى مَنْ لا يملك أمرها ولا العقد عليها، وفيه(48) بيان قوله ◙: ((الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)) أي(49) أنَّ معنى ذلك أنَّها أحقُّ بنفسها في أنَّه لا ينعقد عليها إلَّا برضاها، لا أنَّها أحقُّ بنفسها في أنْ(50) يُعقدَ عليها عقدة(51) نكاحٍ دون وليِّها، قال ابنُ المُنْذِرِ: ولا أعلمُ(52) أحدًا مِنْ أصحابِ رسولِ اللهِ صلعم ثبتَ عنه خلاف ما قلنا.
وقول عائشةَ: إنَّ النِّكاحَ كان على أربعةِ أنحاءَ، فنكاحُ النَّاس اليوم يخطب الرَّجل إلى الرَّجل ابنته أو وليَّته(53) حجَّةٌ في أنَّ سُنَّة عقد النِّكاح إلى الأولياء.
فإنْ قالَ مَنْ أجازَ النِّكاح بغير وليٍّ: فقد(54) رُوِيَ عن عائشةَ خلافَ هذا، وهو ما رواه مالكٌ في «الموطَّأِ» أنَّها زوَّجت بنت أخيها عبدِ الرَّحمنِ وهو غائبٌ، فلمَّا قدِمَ قال: مثلي يفتأت عليه في بناته؟! وهذا يدلُّ أنَّ مذهبها جواز النِّكاح بغير وليٍّ.
قيل: لا حجَّة لكم في هذا الخبر، وليس معنى قوله: زوَّجت بنت أخيها، إلَّا الخطبة، والكلام في الرِّضا والصَّداق دون العقد، لما رواه ابنُ جُرَيْجٍ عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ التَّيميِّ(55) عن أبيه عن عائشةَ: أنَّها أنكحت رجلًا مِنْ بني أخيها، فضربت بينهم بسترٍ، ثُمَّ تكلَّمت حَتَّى(56) لم يبقَ إلَّا العقد، أمرت رجلًا فأنكح، ثُمَّ قالت: ليس إلى النَّساء نكاحٌ.
قال ابنُ المُنْذِرِ: وأمَّا تفريقُ مالكٍ بين المولاة والمسكينة، وبين مَنْ لها منهنَّ قدرٌ وغنًى، فليس ذلك مِمَّا يجوز أنْ يفرَّقَ به، إذ قد سوَّى رسولُ اللهِ صلعم بينَ النَّاسِ جميعًا، فقال: ((المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ))، فسوَّى بين الجميع في الدِّماء، فوجب أنْ يكونَ حكمهم فيما دون الدِّماء سواءٌ.
قال المُهَلَّبُ: وأمَّا قولُه ╡: {وَلاَ تُنكِحُوا المُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}[البقرة:221]، فإنَّه خاطَبَ الأولياء ونهاهم عن إنكاحِ المشركين وليَّاتهم المسلمات مِنْ أجلِ أنَّ الولدَ تابعٌ(57) للأبِ في دِيْنِهِ بقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ}[البقرة:221]، ولا مدعو في نفسِ الاعتبار يمكنُه الإجابة إلَّا الولد، إذ هو تَبَعٌ لأبيه في الدِّين، ولذلك نَهَى اللهُ تعالى عَنْ إنكاحِ(58) الإماءِ المشركات؛ لأنَّ الَّذي يتزوَّجها يتسبَّبُ أنْ يولدها، فيبيعها سيِّدها حاملًا مِنْ مشركٍ، إذ أولاد الإماء تبعٌ لأمُّهاتهم(59) في الرِّقِّ فيؤول ذلك إلى تمليك المشركين أولاد المسلمين فيحملونهم على الكفر، فنهى الله تعالى عن ذلك، وحرَّمه في كتابه، وجوَّز لِمَنْ لم يستطع طَولًا لِحرَّةٍ إذا خشي العنت أنْ ينكحَ الأَمَةَ المسلمةَ في ملك المسلم لامتناع تمليكهنَّ(60) المشركين، وأباح له استرقاقَ ولده واستعباده لأخيه المسلم، مِنْ أجلِ أنَّه قد أَمِنَ أنْ يحملَه على غير دين الإسلام.
والدَّليل على جوازِ إرقاق المسلم(61) بنيه قول النَّبِيِّ صلعم: ((وَفِي(62) جَنِيْنِ المَرْأَةِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيْدَةٌ))، فلمَّا جعلَ عِوَض الجنين الحرِّ عبدًا وأقامه مقامه، وجوَّز لأبيه ملكَه واسترقاقه عِوضًا مِنْ أبيه(63)، علمنا أنَّ للرَّجل أنْ ينكحَ مِنَ النِّساء مَنْ يسترقَّ ولده بها، والله أعلم(64).
[1] قوله: ((أن ينكحن)) ليس في (ص).
[2] قوله: ((أو وليَّته)) ليس في (ص).
[3] قوله: ((ذلك)) ليس في (ص).
[4] في (ص): ((منهم رجل)).
[5] في (ز): ((تقول)).
[6] في (ز): ((عرفت)).
[7] في (ز): ((فهو)).
[8] في (ز): ((ولا)).
[9] في (ص): ((يمتنع الرَّجل منه)).
[10] في (ز): ((جمعوا)).
[11] في (ز): ((لهم القافة)).
[12] في (ص): ((لحقوا)).
[13] في (ز): ((بالتاط)).
[14] في (ز): ((وفيه)).
[15] قوله: ((اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَ)) ليس في (ص).
[16] قوله: ((الآية)) ليس في (ز).
[17] في (ز): ((كراهة)).
[18] قوله: ((توفِّي بالمدينة)) ليس في (ز).
[19] في (ز): ((قال)).
[20] قوله: ((ابن عفَّان)) ليس في (ز).
[21] في (ز): ((ولا)).
[22] زاد في المطبوع: ((إنِّي)).
[23] قوله: ((رجلًا)) ليس في (ز).
[24] في (ز): ((الآنَ أقبلُ قولَ اللهِ ╡ فزوَّجتُها إيَّاهُ)).
[25] زاد في (ز): ((على)).
[26] في (ز): ((وابن مسعود وابن عبَّاس)).
[27] في (ز): ((فأمَّا)).
[28] في (ز): ((وليٌّ)).
[29] قوله: ((أو السُّلطان)) ليس في (ز).
[30] في (ز): ((وقال)).
[31] في (ز): ((عاقلة بالغة)).
[32] قوله: ((أن ينكحنَ أزواجهنَّ)) ليس في (ص).
[33] في (ز): ((فالدَّلالة)).
[34] قوله: ((في الآية)) ليس في (ص).
[35] في (ز): ((تزويج)).
[36] في (ز): ((وتعقد)).
[37] في (ز): ((منه ولا ضمَّه رسولُ اللهِ صلعم إلى الحنث)).
[38] في (ز): ((منع)).
[39] في (ز): ((لا يفتئت)).
[40] قوله: ((إلى)) ليس في (ز).
[41] في (ز): ((والحنث)).
[42] في المطبوع: ((على))، وقوله: ((مع)) ليس في (ص).
[43] في المطبوع: ((على)).
[44] في (ز): ((وفي)).
[45] في (ز): ((لم)).
[46] في (ز): ((لها ذلك)).
[47] في (ز): ((ويخطبها)).
[48] في (ز): ((وفي هذا)).
[49] قوله: ((أي)) ليس في (ز).
[50] قوله: ((أنَّه لا ينعقد عليها إلَّا برضاها، لا أنَّها أحقُّ بنفسها في أنْ)) ليس في (ز).
[51] في (ز): ((عقد)).
[52] قوله: ((نعلم)) ليس في (ز).
[53] في (ز): ((وليَّته أو بنته)).
[54] في (ز): ((قد)).
[55] قوله: ((بن محمَّد بن أبي بكرٍ الصِّدِّيق التَّيميِّ)) ليس في (ز).
[56] زاد في (ز): ((إذا)).
[57] في (ز): ((تبع)).
[58] في (ز): ((نكاح)).
[59] في (ص): ((لأمَّهاتهنَّ)).
[60] في (ز): ((تمليكهم)).
[61] في (ز): ((الرَّجل)).
[62]
[63] في (ز): ((عن ابنه)).
[64] في (ز): ((الموفِّق)).