شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب تزويج الأب ابنته من الإمام

          ░39▒ بابُ تَزْوِيجِ الأَبِ ابنَتَهُ مِنَ الإمَامِ
          وَقَالَ عُمَرُ: خَطَبَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلعم حَفْصَةَ فَأَنْكَحْتُهُ.
          فيهِ عَائِشَةُ: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم تَزَوَّجَهَا وَهي بِنْتُ سِتِّ سِنِيْنَ(1)) الحديثَ. [خ¦5134]
          معنى هذا الباب أنَّ الإمامَ وإنْ كان وليًّا، وكانَ النَّبِيُّ صلعم أفضلَ الأولياء، وخطَبَ حَفْصَةَ إلى أبيها عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ ☺، وأنكحَهُ إيَّاها، دلَّ ذلك على أنَّ الأبَ أولى مِنَ الإمامِ، وأنَّ السُّلطان وليُّ مَنْ لا وليَّ له، وهذا إجماعٌ، ودلَّ أيضًا على صِحَّة(2) ما يقوله مالكٌ والشَّافعيُّ وجمهور العلماء أنَّ الوليَّ مِنْ شروط النِّكاح وأنَّه مفتقرٌ إليه، وكذلك خطبَ النَّبِيُ صلعم عائشةَ(3) إلى أبي بَكْرٍ ☺، فقال له أبو بَكْرٍ: ((إِنَّما أَنَا أَخُوْكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلعم: أَنْتَ أَخِي فِي دِيْنِ اللهِ وَكِتَابِهِ، وَهِيَ لِي حَلَالٌ، فَأَنْكَحَهُ أَبُو بَكْرٍ إِيَّاهَا)).
          قال ابنُ المُنْذِرِ: وفي إنكاح أبي بَكْرٍ النَّبِيَّ صلعم دليلٌ على إباحة النِّكاح بغير شهودٍ، إذ لا نعلمُ(4) في شيءٍ مِنَ الأخبار أنَّ شاهدًا حضرَ عقد ذلك النِّكاح، والأخبار الَّتي رُوِيَت عن عائشةَ وغيرها بخلاف ذلك؛ لأنَّها(5) واهيةٌ لا تثبت عند أهل المعرفة بالأخبارِ، وقد تقدَّم بيان هذه المسألة في حديث صَفِيَّةَ في باب اتِّخاذِ السَّرَاري ومَنْ أعتقَ جاريةً ثُمَّ تزوَّجها(6) [خ¦5083].


[1] قوله: ((سنين)) ليس في (ز)، زاد في (ز): ((وذكر)).
[2] في (ز): ((حجَّة)).
[3] قوله: ((عائشة)) ليس في (ص).
[4] في (ز): ((يعلم)).
[5] قوله: ((لأنَّها)) ليس في (ز).
[6] في (ز): ((تزوَّج بها)).