شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول الله تعالى: {الرجال قوامون على النساء}

          ░91▒ بَاب: قَولِ اللهِ تعالى(1): {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ على النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} إلى قَوْلِهِ: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} الآية(2)[النساء:34].
          فيه: أَنَسٌ: (آلِى النَّبيُّ صلعم مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَقَعَدَ في مَشْرُبَةٍ لَهُ، فَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ، فقيل: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّكَ آلَيتَ شَهْرًا(3)؟ فقَالَ: الشَّهْر تِسْعٌ وَعِشْرُونَ). [خ¦5201]
          قال المُهَلَّب: معنى هذا الباب أنَّ الله تعالى أباح هجران الأزواج عند نشوزهنَّ، ورخَّص في ذلك عند ذنبٍ أو معصيةٍ تكون منهنَّ.
          وقال أهل التفسير في قوله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ}[النساء:34]، يعني(4) معصيتهنَّ لأزواجهنَّ، وأصل النشوز الارتفاع، فنشوز المرأة ارتفاعها عن حقِّ زوجها، ففسَّر النبيُّ صلعم مقدار ذلك الهجران بإيلائه شهرًا حين أسرَّ ◙(5) إلى حفصة، فأفشته إلى عائشة وتظاهرتا عليه.
          وقيل(6): إنَّه أصاب جاريته ماريَّة في بيت حفصة ويومها. وقال الزجَّاج: في يوم عائشة، وسألها أن تكتمه، فأخبرت به عائشة. وقيل: إنَّه شرب عسلًا عند زينب.
          وذلك الهجران لا يبلغ به الأربعة الأشهر التي ضربها الله أَجَل إعذارٍ للمؤالي، وأمر الله أن يبدأ النساء بالموعظة أولًا ثمَّ بالهجران بعد(7)، فإن لم ينجعا / فيها، فالضرب ولكنَّه يكون ضربًا(8) غير مبرحٍ، وقوله: {بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ}[النساء:34]، يعني بما فضَّل الله به الرجال من القوَّة على الكسب بالحرب(9) وغيرها، وبما أنفقوا من أموالهم في المهور وغيرها، فهذا يوجب نفقة الرجال على النساء.


[1] قوله: ((قول الله تعالى)) زيادة من (ص).
[2] في (ص): (({الرِّجَالُ قَوَّامُونَ على النِّسَاءِ} إلى قَوْلِهِ: {وَاضْرِبُوهُنَّ})).
[3] في (ز): ((على شهر)) والمثبت من (ص).
[4] قوله: ((معصية تكون.... يعني)) ليس في (ص).
[5] في (ص): ((أسر النبي)).
[6] في (ص): ((قيل)).
[7] زاد في (ص): ((ذلك)).
[8] في (ص): ((ولكن يكون الضرب)).
[9] في (ص): ((بالحرث)).