شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الشروط التي لا تحل في النكاح

          ░53▒ بَاب الشُّرُوطِ التي / لا تَحِلُّ في النِّكَاحِ.
          وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لا تَشْتَرِطِ الْمَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا.
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلاقَ أُخْتِهَا؛ لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا). [خ¦5152]
          قال ابن حبيبٍ: لم يبلغ العلماء بالشروط المكروهة إلى التحريم، وحملوا قوله ◙: ((لَا تَسْأَلُ المَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا)) على النَّدب، لا على إن(1) فعل ذلك فاعلٌ يكون النكاح مفسوخًا، وإنَّما هو استحسانٌ من العمل به، وفضلٌ في ترك ما كره رسول الله صلعم من ذلك.
          قال الطَّحاويُّ: أجاز مالكٌ والكوفيُّون والشافعيُّ أن يتزوَّج المرأة على أن يطلِّق زوجته، وقالوا: إن تزوَّجها على ألفٍ على أن(2) يطلِّق زوجته فعند الكوفيِّين النكاح جائزٌ، فإن وفَّى بما قال فلا شيء عليه غير الألف، وإن لم يف أكمل لها مهر مثلها.
          وقال ربيعة ومالكٌ والثوريُّ: لها ما سمَّى لها وفَّى أو لم يف، وقال الشافعيُّ: لها مهر المثل(3) وفى أو لم يف.
          قال المؤلِّف: فإن قيل: فقوله(4) ◙: (لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَسْأَلُ(5) طَلَاقَ أُختِهَا)، على ما ثبت في هذا الباب يدلُّ أنَّ رواية من روى: ((لا تسأل المرأة طلاق أختها))، يراد به التحريم والحتم(6)، وليس معناه النَّدب كما قال ابن حبيبٍ، وأنَّ الطلاق إذا وقع بذلك غير لازمٍ. قيل(7): ليس كما توهَّمت، وليس إعلامه لنا ◙ تحريم ذلك على المرأة بموجب أنَّ الطلاق إذا وقع غير لازمٍ، وإنَّما فيه النَّهي للمرأة والتغليظ عليها ألَّا تسأل طلاق أختها، ولترض بما قسم الله لها، وليس سؤالها ذلك بزائدٍ في رزقها شيئًا لم يُقدَّر لها.
          ودلَّ نهيه ◙ المرأة عن اشتراطها طلاق أختها أنَّ الطلاق إذا وقع بذلك ماضٍ جائزٌ، فلو(8) لم يكن ماضيًا لم يكن لنهيه ◙ عن ذلك معنى، وكان اشتراطها ذلك كلا اشتراطٍ، وقد تقدَّم في كتاب الشروط، في باب الشرط(9) في الطلاق شيءٌ في هذا المعنى. [خ¦2727]


[1] في (ص): ((لا إن)).
[2] في (ص): ((ألف وأن)).
[3] قوله: ((لها وفى أو لم يف وقال الشافعي: لها مهر المثل)) زيادة من (ص).
[4] في (ص): ((قوله)).
[5] قوله: ((تسأل)) زيادة من (ص).
[6] في (ص): ((والتحتم)).
[7] زاد في (ص): ((له)).
[8] في (ص): ((ولئن))، وقوله بعدها: ((يكن ماضيا لم)) زيادة من (ص).
[9] في (ص): ((الشروط)).