شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: يقل الرجال ويكثر النساء

          ░110▒ بَاب يَقِلُّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النِّسَاءُ.
          وَقَالَ أَبُو مُوسَى: عَنِ النَّبيِّ صلعم: (وَتَرَى الرَّجُلَ الْوَاحِدَ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ، وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ).
          فيه: أَنَسٌ: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (مِنْ(1) أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَكْثُرَ الْجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الْخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ). [خ¦5231]
          قال المُهَلَّب: هذا إنَّما يكون من أشراط الساعة، كما قال ◙، ويمكن أن تكون قلَّة الرجال من اشتداد الفتن وترادف المحن، فيُقتَل الرجال، والله أعلم.
          ويحتمل قوله: (الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ)، معنيين: أحدهما: أن يكون قيمًا عليهنَّ وناظرًا لهنَّ وقائمًا بأمورهنَّ، ويحتمل أن يكون اتِّباع النساء له على غير الحلِّ، والله أعلم.
          قال الطحاويُّ: ولمَّا احتمل الوجهين نظرنا هل روي في ذلك شيءٌ يدلُّ على أحدهما، فذكر عليُّ بن مَعْبَدٍ بإسناده عن حذيفة قال: سمعت النَّبيَّ صلعم يقول: ((إذا عمَّت الفتنة يُميِّز الله أولياءه وأصفياءه(2) حتَّى تطهر الأرض من المنافقين والقتَّالين، ويتَّبع الرجل يومئذٍ خمسون امرأةً(3)، هذه تقول: يا عبد الله استرني، يا عبد الله آوني))، فدلَّ هذا الحديث على القول الأوَّل.


[1] في (ص): ((إن من)).
[2] في (ص): ((أصفياءه وأولياءه)).
[3] قوله: ((امرأة)) ليس في (ص).