شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة

          ░114▒ بَاب نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلى الْحَبَشِ وغَيرِهِمْ في(1) غَيْرِ رِيبَةٍ.
          فيه عَائِشَةُ(2): (رَأَيْتُ النَّبيَّ صلعم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إلى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ في الْمَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِي أَسْأَمُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ على اللهْوِ). [خ¦5236]
          وفي هذا الحديث: حجَّةٌ لمن أجاز النظر إلى اللعب في الوليمة وغيرها.
          وفيه: جواز نظر النساء(3) إلى اللهو واللعب، لاسيَّما الحديثة السنِّ، فإنَّ النبيَّ صلعم قد عذرها لحداثة سنِّها.
          وفيه: أنَّه لا بأس بنظر المرأة إلى الرجل من غير ريبةٍ، ألا ترى إلى ما اتَّفق عليه العلماء في الشهادة على المرأة أنَّ ذلك لا يكون إلَّا بالنظر إلى وجهها، ومعلومٌ أنَّها تنظر إليه حينئذٍ كما ينظر إليها، وإنَّما أراد البخاريُّ بهذا الحديث الردَّ لحديث ابن شهابٍ، عن نبهان مولى أمِّ سلمة، عن أمِّ سلمة(4)، أنَّها قالت: ((كنت أنا وميمونة جالستين عند رسول الله صلعم، فاستأذن عليه ابن أمِّ مكتومٍ الأعمى، فقال: احتجبا منه، فقلنا: يا رسول الله، أليس أعمى لا ينظرنا(5)؟ قال: أفعمياوان أنتما؟)) وحديث عائشة أصحُّ منه؛ لأنَّ نبهان ليس بمعروفٍ(6) بنقل العلم ولا يروي إلَّا حديثين، أحدهما هذا، والثاني في المكاتب إذا كان معه ما يؤدِّي احتجبت منه سيِّدته، فلا يشتغل بحديث نبهان لمعارضة الأحاديث الثابتة له وإجماع العلماء.


[1] في (ص): ((ونحوهم من)).
[2] زاد في (ص): ((قالت)).
[3] في (ص): ((جواز النظر)).
[4] قوله: ((عن أم سلمة)) ليس في (ص).
[5] في (ص): ((لا يبصرنا)).
[6] في (ص): ((لأنه نبهان فليس بمعروف)).