شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول الرجل لصاحبه: هل أعرستم الليلة؟

          ░125▒ بَاب قَوُل الرَّجُل لِصَاحِبِه: هَل أَعْرَسْتُمُ الليْلَة، وَطَعْنِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ في الْخَاصِرَةِ عِنْدَ الْعِتَابِ.
          فيه عَائِشَةُ: (عَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَجَعَلَ يَطْعن بِيَدِهِ في خَاصِرَتِي، فَلا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللهِ صلعم على فَخِذِي). [خ¦5250]
          أمَّا(1): (بَابُ قَولِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: هَلْ أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟) فلم يخرج فيه هنا(2) حديثًا، وأخرجه(3) في أوَّل كتاب العقيقة، [خ¦5470] رواه أنسٌ قال: كان ابنٌ لأبي طلحة يشتكي، فخرج أبو طلحة فقُبِض الصبيُّ، فلمَّا رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني(4)؟ قالت أمُّ سُلَيم: هو أسكن ما(5) كان، فقرَّبت إليه العشاء، / فتعشَّى ثمَّ أصاب منها، فلمَّا فرغ قالت: واروا الصبيَّ، فلمَّا أصبح أبو طلحة أتى النبيَّ صلعم فأخبره فقال: ((أعرستم الليلة؟)) قال: نعم، قال: ((اللَّهُمَّ بارك لهما فيه(6)))، فولدت غلامًا سماه النبيُّ صلعم عبد الله، وحنَّكه بتمراتٍ مضغها، ◙.
          وفيه من الفقه: أنَّ الرجل الفاضل والصديق الملاطف(7) يجوز أن يسأل صديقه(8) عمَّا يفعله إذا خلا مع أهله، ولا حرج عليه في ذلك.
          وفيه: أنَّه من أصيب بمصيبةٍ لم يعلم بها أنَّه لا ينبغي أن يُهجَم عليه بالتقريع بذكرها والتعظيم لها عند تعريفه بها، بل يُرفَق به(9) في القول ويُعرَّض له بألطف التعريض؛ لئلَّا يحدث عليه في نفسه ما هو أشدُّ منها، فقد جبل الله تعالى النفوس على غاية الضعف، والناس متباينون في الصبر عند المصائب، ولاسيَّما عند الصدمة الأولى.
          وفي حديث عائشة أنَّ للأب أن يعاتب ابنته بمحضر زوجها ويتناولها بيده بضربٍ وتهديدٍ، وغير ذلك مباحٌ له، وقد(10) أخرجه في كتاب الحدود، باب من أدَّب أهله أو غيرهم دون السلطان. [خ¦6844]


[1] زاد في (ص): ((قوله)).
[2] في (ص): ((هاهنا)).
[3] قوله: ((وأخرجه)) ليس في (ص).
[4] في (ص): ((بني)).
[5] في (ص): ((مما)).
[6] قوله: ((فيه)) ليس في (ص).
[7] في (ص): ((الملطف)).
[8] في (ص): ((الصديق)).
[9] في (ص): ((له)).
[10] في (ص): ((فقد)).