شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا}

          ░95▒ بَاب {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}[النساء:128]
          فيه عَائِشَةُ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}(1) قَالَتْ: هي الْمَرْأَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لا يَسْتَكْثِرُ مِنْهَا، فَيُرِيدُ طَلاقَهَا وَيَتَزَوَّجُ غَيْرَهَا، وتَقُولُ لَهُ: أَمْسِكْنِي وَلا تُطَلِّقْنِي، ثُمَّ تَزَوَّجْ غَيْرِي، فأَنْتَ(2) في حِلٍّ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَيَّ، وَالْقِسْمَةِ(3) لي، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء:128]. [خ¦5206]
          أجمع العلماء على جواز هذا الصلح، وكذلك فعلت سودة بالنبيِّ صلعم حين وهبت يومها لعائشة تبتغي بذلك مرضاة رسول الله صلعم، روى عِكْرِمَة عن ابن عبَّاسٍ، قال: ((خشيت سودة أن يطلِّقها النبيُّ ◙ فقالت(4): لا تطلِّقني واحبسني مع نسائك ولا تقسم(5)، فنزلت: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}[النساء:128]))، قال ابن عبَّاسٍ: نشوزًا(6) يعني البغض. وقال مجاهدٌ: نزلت في أبي السَّنابل بن بَعْكَكٍ.
          واختلفوا هل ينتقض(7) هذا الصلح؟ فقال عبيدة: هما على ما اصطلحا عليه، فإن انتقضت فعليه أن يعدل عليها أو يفارقها، وبه قال النَّخَعِيُّ ومجاهدٌ / وعطاءٌ، وحكى ابن المنذر أنَّه قول الثوريِّ والشافعيِّ وأحمد. وقال الكوفيُّون: الصلح في ذلك جائزٌ.
          قال ابن المنذر: ولا(8) أحفظ عنهم في الرجوع شيئًا. وقال الحسن البصريُّ: ليس لها أن تنقض، وهما على ما اصطلحا عليه. وقول الحسن: هو قياس(9) قول مالكٍ فيمن أنظر(10) بالدين وأعار العارية(11) إلى مدَّةٍ، أنَّه لا يرجع في ذلك، وقول عبيدة هو قياس قول أبي حنيفة والشافعيِّ؛ لأنَّها هبة منافعٍ طارئةٌ لم تقبض، فجاز فيها الرجوع، وبالله التوفيق.


[1] قوله: (({وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا})) ليس في (ص).
[2] في (ص): ((وأنت)).
[3] في (ص): ((والكسوة)).
[4] في (ص): ((قالت)).
[5] زاد في (ص): ((لي)).
[6] قوله: ((نشوزا)) ليس في (ص).
[7] زاد في (ز): ((في)) والمثبت من (ص).
[8] في (ص): ((وقال ابن المنذر: لا)). قوله بعدها: ((عنهم)) ليس فيها.
[9] في (ص): ((وقول الحسن وقتادة هو)).
[10] في (ص): ((أنظره)).
[11] في (ص): ((أو أعار عارية)).