شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا زوج ابنته وهي كارهة فنكاحه مردود

          ░42▒ بابُ إِذَا زَوَّجَ ابنَتَهُ وَهي كَارِهَةٌ فَنِكَاحُهُ مَرْدُودٌ
          فيهِ خَنْسَاءُ بِنْتُ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةُ(1): (أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَت النَّبِيَّ صلعم فَرَدَّ نِكَاحَهُ). [خ¦5138]
          اتَّفق أئمَّةُ الفتوى بالأمصار على أنَّ الأبَ إذا زوَّج ابنته الثَّيِّب بغير رضاها أنَّه لا يجوز ويردُّ(2)، واحتجُّوا بحديث خَنْسَاءَ، وشذَّ الحَسَنُ البَصْرِيُّ والنَّخَعِيُّ فخالفا(3) الجماعة، فقال الحَسَنُ: نكاح(4) الأب جائزٌ على ابنته بكرًا كانت أو ثيِّبًا، كُرهت أو لم تُكْرَه، وقال النَّخَعِيُّ: إنْ كانت الابنة في عياله زوَّجها ولم يستأمرها وإن لم تكن في عياله وكانت نائيةً عنه استأمرها.
          وإنْ لم يكن أحدٌ مِنَ الأئمةِ مالَ(5) إلى هذين القولين لمخالفتهما للسُّنَّة(6) الثَّابتة في خَنْسَاءَ وغيرها، وما خالف السُّنَّة فهو مردودٌ.
          واختلفَ الأئمَّة القائلون بحديث خَنْسَاءَ إن زوَّجها بغير إذنها، ثُمَّ بلغها / فأجازت(7)، فقال إِسْمَاعِيْلُ القاضي: أصل قول مالكٍ أنَّه لا يجوز إن أجازته(8) إلَّا أن يكونَ بالقرب، كأنَّه في فورٍ واحدٍ، ويبطل إذا بعد؛ لأنَّ عقده عليها بغير أمرها ليس بعقدٍ ولا يقع فيه طلاقٌ.
          وقال الكوفيُّون: إذا أجازته جازَ، وإذا أبطلته بَطَلَ، وقالَ الشَّافعيُّ وأحمدُ وأبو ثَوْرٍ: إذا زوَّجها بغير إذنها فالنِّكاح باطلٌ وإنْ رضيت لأنَّ النَّبِيَّ ◙ ردَّ نكاح خَنْسَاءَ ولم يقل إلَّا أنْ تجيزه(9).


[1] قوله: ((بنت خذام الأنصاريَّة)) ليس في (ز).
[2] قوله: ((ويردُّ)) ليس في (ص).
[3] في (ص): ((فخالفهما)).
[4] في (ز): ((إنكاح)).
[5] في (ز): ((ولم يلتفت أحدٌ مِنَ الأئمَّة)).
[6] في (ز): ((السَّنَّة)).
[7] في (ز): ((وأجازته)).
[8] قوله: ((فقالَ إسماعيلُ القاضي: أصل قول مالك أنَّه لا يجوز إنْ أجازته)) ليس في (ز).
[9] في (ز): ((تجيزني)).