شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب تفسير ترك الخطبة

          ░46▒ بَابُ تَفْسِيرِ تَرْكِ(1) الخِطْبَةِ
          فيهِ(2) ابنُ عُمَرَ: (أَنَّ عُمَرَ(3) حِيْنَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ، لَقِي أَبَا بَكْرٍ قَالَ:(4) فَقُلْتُ لَهُ(5): إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ، فَلَبِثْتُ(6) لَيَالِيَ، ثُمَّ خَطَبَهَا النَّبيُّ صلعم، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَهُ(7) إِلَّا أَنِّي(8) عَلِمْتُ(9) أَنَّ النَّبيَّ صلعم قَدْ(10) ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِي سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلعم، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا). [خ¦5145]
          إنْ قالَ قائلٌ: كيف تَرْجَمَ البخاريُّ لهذا الحديث تفسير ترك الخطبة، وقد تقدَّم مِنْ مذاهب العلماء أنَّ الخطبة جائزةٌ على خطبة غيره إذا لم تركن إليه، والنَّبيُّ صلعم حين أخبرَ بذلك(11) أبا بَكْرٍ لم يكن أعلمَ بهذا(12) عُمَرَ فضلًا(13) أن تركن إليه؟ فالجواب: أنَّ التَّرجمةَ صحيحةٌ والمعنى الَّذي قصدَ البخاريُّ معنًى(14) دقيقٌ يدلُّ على ثقوبِ ذهنه ورسوخِه في الاستنباط، وذلك أنَّ أبا بَكْرٍ ☺ عَلِمَ أنَّ الرَّسول صلعم إذا خَطَبَ إلى عُمَرَ ابنته أنَّه لا يصرفه ولا يرغب عنه، بل يرغبُ فيه ويشكرُ اللهَ تعالى على ما أنعمَ عليه مِنْ مصاهرته له وامتزاجه به، فقامَ علم أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بهذه الحالة مكان(15) الرُّكون والتَّراضي(16) منهما، فكذلك كلُّ مَنْ علم أنَّه لا يصرف إذا خَطَبَ لا تنبغي الخطبة على خطبته حتَّى يتركَ كما فعل(17) أبو بَكْرٍ ☺.


[1] قوله: ((تركِ)) ليس في (ز).
[2] في (ز): ((وفيه)).
[3] قوله: ((أنَّ عمر)) ليس في (ز).
[4] قوله: ((قالَ)) ليس في (ز).
[5] قوله: ((له)) ليس في (ز).
[6] في (ص): ((فلبث)).
[7] في (ز): ((عرضت عليَّ)).
[8] زاد في المطبوع: ((قد)).
[9] قوله: ((أنِّي علمت)) ليس في (ص).
[10] قوله: ((قد)) ليس في (ص).
[11] قوله: ((بذلك)) ليس في (ص).
[12] في (ز): ((به)).
[13] زاد في (ز): ((عن)).
[14] في (ز): ((قصده معنى)).
[15] في (ز): ((مقام)).
[16] زاد في (ز): ((لو تقدَّم)).
[17] في (ز): ((قال)).