شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب

          ░125▒ بابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ العُطَاسِ وَيُكْرَهُ مِنَ التَّثَاؤُبِ.
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبيُّ صلعم: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وأمَّا التَّثَاؤُبُ فَإنَّما هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذَا قَالَ: هَا، ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ). [خ¦6223]
          اختلف العلماء في وجوب التَّشميت، فذهبت طائفة إلى أنَّه واجب متعيِّن على كلِّ مَن سمع حمد العاطس، هذا قول أهل الظاهر، واحتجُّوا بهذا الحديث وقالوا: ألا ترى قولَه صلعم: (فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ) فوجب ذلك(1) على كلِّ سامع، وذهبت طائفة إلى أنَّه واجب على الكفاية، كردِّ السَّلام، هذا قول مالك وجماعة، وقال آخرون: هو إرشاد وندب وليس بواجب، وتأوَّلوا قولَه ◙: (فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُشَمِّتَهُ) أنَّ ذلك عليه في حسن الأدب وكرم الأخلاق كما قال صلعم: ((مِنْ حَقِّ الإِبِلِ أَنْ تُحْلَبَ عَلَى المَاءِ)) وأنَّ(2) ذلك حقٌّ في كرم المواساة لا أنَّ ذلك فرض لاتِّفاق أئمَّة الفتوى أنَّه لا حقَّ في المال سوى الزكاة.


[1] قوله: ((ذلك)) ليس في (ص).
[2] في (ص): ((أي إنَّ)).