شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها

          ░17▒ باب: مَنْ تَنَاوَلَ(1) صَبِيَّةَ غَيْرِهِ حتَّى تَلْعَبَ بِهِ أَوْ قَبَّلَهَا أَْوْ مَازَحَهَا.
          فيه: أُمُّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مَعَ أبي وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: ((سَنَهْ سَنَهْ)) قَالَ عَبْدُ الله: وَهِي بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَبَرَنِي أَبِي، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: ((دَعْهَا)) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: ((أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي)) ثلاث مرات، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَبَقِيَتْ حتَّى ذَكَرَ. [خ¦5993]
          قال المؤلِّف(2): في هذا الحديث مِن الفقه أنَّه يجوز مباشرة الرَّجل الصبيَّة الصَّغيرة الَّتي لا يُشتهى مثلُها وممازحتُها وإن لم تكن مِنه بذات محرم لأنَّ لعب أمِّ خالد وهي صبيَّة بمكان خاتم النبوَّة مِن جسد النَّبي صلعم مباشرةٌ منها لرسول الله صلعم، ومباشرتُها له كمباشرتِهِ لها وتقبيلِه إيَّاها، ولو كان ذلك حرامًا لنهاها كما نهى الحسن بن علي وهو صغير عن أكل التَّمرة السَّاقطة الَّتي خشي أن تكون مِن الصدقة المحرَّمة على النَّبي صلعم وعلى آلِهِ.
          وقد اختلف أصحاب مالك مِن هذا الأصل في الصبيَّة الصَّغيرة تموت هل يغسِّلُها الرَّجل غير ذي الرَّحم منها؟ فقال أشهب: لا بأس أن يغسِّلها إذا لم تكن ممَّن تُشتهى لصغرِها، وهو قول عيسى بن دينار، وقال ابن القاسم: لا يغسِّلها بحال. وقول أشهب وعيسى يشهد له(3) هذا الحديث، وذكر ابن مُزَين قول ابن القاسم وعيسى وذكر ابن حارث قول أشهب.


[1] في المطبوع: ((ترك)) ونبه في الحاشية إلى ما في نسخنا.
[2] قوله: ((قال المؤلِّف)) ليس في (ت) و(ص).
[3] في (ص): ((وقول عيسى وأشهب يشهد له)).