شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إجابة دعاء من بر والديه

          ░5▒ بَابُ إِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ
          فيه ابْنُ عُمَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (بَيْنَمَا ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَتَمَشَّوْنَ أَخَذَهُمُ(1) الْمَطَرُ فَآووا إلى غَارٍ في الجَبَلِ(2)، فَانْحَطَّتْ على فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ صَالِحَةً فَادْعُوا اللهَ بِهَا لَعَلَّهُ يَفْرُجُهَا، فَقَالَ أَحَدُهُم(3): اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ...) وذكر الحديث، (فَفَرَجَ عَنْهُمْ). [خ¦5974]
          قال المؤلِّف: كلُّ من دعا إلى الله ╡ بنيَّةٍ صادقةٍ من قلبه(4) وتوسَّل إليه بما صنعه لوجهه خالصًا تُرجَى له الإجابة، ألا ترى أنَّ أصحاب الغار توسَّلوا إلى الله ╡ بأعمالٍ عملوها خالصةً لوجهه، ورجوا الفرج بها، فذكر أحدهم برَّ أبويه، وذكر الثاني أنَّه قعد من المرأة التي كان يحبُّها مقعد الرجل من المرأة، وأنَّه ترك الزنا بها لوجه الله، وذكر الثالث أنَّه تَجرَ في أجرة الأجير حتَّى صار منها غنمًا وراعيها(5)، وأنَّه دفعه إليه حين طلب منه أجره، فتفضَّل الله تعالى عليهم بإجابة دعائهم ونجَّاهم من الغار، فكما أجيبت(6) دعوة هؤلاء النفر فكذلك تُرجى إجابة دعاء كلِّ من أخلص فعله لله تعالى وأراد به وجهه ╡.


[1] في (ص): ((يتماشون فأخذهم)).
[2] في (ت) و (ص): ((جبل)).
[3] في (ت) و (ص): ((بعضهم)).
[4] قوله: ((من قلبه)) ليس في (ت) و (ص).
[5] في (ت): ((غنم وراعها)).
[6] في (ت): ((أجيب)).