شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه

          ░29▒ بابُ إِثْمِ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُه بَوَائِقَهُ.
          {يُوْبِقْهُنَّ}[الشورى:34]يهلكهنَّ، {مَوْبِقًا}[الكهف:52]مهلكًا.
          فيه: أَبُو شُرَيْح قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (وَاللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ) قِيلَ: يَا رَسُولَ الله ومن؟ قَالَ: (الَّذي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ). [خ¦6016]
          قال المؤلِّف: وهذا الحديث شديد في الحضِّ على ترك أذى الجار، ألا ترى أنه ◙ أكَّد ذلك بقسمِه ثلاث مرات أنه لا يؤمن مَن لا يأمن جارُه بوائقَه، ومعناه أنه لا يؤمن الإيمان الكامل، ولا يبلغ أعلى درجاتِه مَن كان بهذه الصِّفة، فينبغي لكلِّ مؤمن أن يحذر أذى جارِه(1) ويرغب أن يكون في أعلى درجات الإيمان، وينتهي عما نهاه الله ورسولُه عنه، ويرغب فيما رضياه وحضَّا العباد عليه.
          وقال أبو حازم المزني: كان أهل الجاهلية أبرَّ بالجار منكم هذا قائلهم يقول:
نَارِي ونَارُ الجارِ واحدةٌ                     وإِليه قَبْلي تَنزِلُ القِدْرُ
ما ضَرَّ جَارًا لي أُجاوِرُه                     أَنْ لا يكونَ لِبابِهِ سِتْرُ
أَعْمى إذا مَا جَارتي بَرَزَتْ                      حتَّى يُوارِي جَارَتي الخِدْرُ.


[1] قوله: ((جاره)) ليس في (ص).