شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم

          ░12▒ بابُ مَن بُسِطَ له في الرِّزقِ لصلةِ الرَّحمِ.
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ(1) لَهُ في أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ). [خ¦5985]
          وفيه: أَنَسٌ عَن النَّبيِّ صلعم مِثلَهُ. [خ¦5986]
          قال الطَّبري: إن(2) قيل كيف يُنْسَأُ له في أجله، وقد قال تعالى: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}[الأعراف:34]وقال النَّبي صلعم: ((إنَّ ابنَ آدمَ يُكْتَبُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَثَرُهُ وأَجَلُهُ ورِزْقُهُ)).
          فالجواب أنَّه إن فعل ذلك به جزاء له(3) على ما كان له من العمل الَّذي يرضاه، فإنَّه غير زائد في علم الله تعالى شيئًا لم يكن به عالمًا قبل تكوينِهِ، ولا ناقص مِنه شيئًا، بل لم يزل عالمًا بما(4) العبد فاعل وبالزيادة الَّتي هو زائد في عمرِهِ بصلة رحمِهِ، والنقص الَّذي هو بقطعِهِ رحمَهُ من عمرهِ ناقص قبل خلقِهِ لا يعزب عنه شيء من ذلك.
          وقد تقدم زيادة في بيان هذا المعنى في كتاب البيوع في باب: من أحب البسط في الرِّزق(5).
          وقال الخطَّابي: قولُهُ: (يُنْسَأَ لَهُ(6) فِي أَثَرِهِ) معناه يُؤخَّرُ في أجلِهِ وسُمِّيَ(7) الأجل أثرًا لأنَّه تابع للحياة وسابقُها، قال كعب بن زهير:
والمرءُ ما عاشَ ممدودٌ له أملٌ                     لا ينتهي العينُ حتَّى ينتهي الأثرُ


[1] في (ت) و(ص): ((أو ينسأ)).
[2] في (ص): ((فإن)).
[3] قوله: ((له)) ليس في (ص).
[4] في (ز): ((بما في)) والمثبت من (ت) و(ص).
[5] قوله: ((تقدم زيادة في...البسط في الرزق)) ليس في (ت). وقوله: ((زيادة في بيان...البسط في الرزق)) ليس في (ص).
[6] قوله: ((له)) ليس في (ت) و(ص).
[7] في (ص): ((ويسمى)).