-
المقدمه
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب الحج
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الذبائح
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب البيوع
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب العارية
-
كتاب النكاح
-
كِتَاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كِتَاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الأحكام
-
كتاب الإكراه
-
[كتاب الحيل]
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الرجم
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه}
-
باب: من أحق الناس بحسن الصحبة
-
باب: لا يجاهد إلا بإذن الأبوين
-
باب: لا يسب الرجل والديه
-
باب إجابة دعاء من بر والديه
-
باب: عقوق الوالدين من الكبائر
-
باب صلة الوالد المشرك
-
باب صلة الأخ المشرك
-
باب فضل صلة الرحم
-
باب إثم القاطع
-
باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم
-
باب: من وصل وصله الله
-
باب: يبل الرحم ببلالها
-
باب: ليس الواصل بالمكافى
-
باب من وصل رحمه في الشرك ثم أسلم
-
باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها
-
باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته
-
باب: جعل الله الرحمة مئة جزء
-
باب قتل الولد خشية أن يأكل معه
-
باب وضع الصبي في الحجر
-
باب وضع الصبي على الفخذ
-
باب: حسن العهد من الإيمان
-
باب فضل من يعول يتيمًا
-
باب الساعي على الأرملة
-
باب رحمة الناس والبهائم
-
باب الوصاة بالجار
-
باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه
-
باب: لا تحقرن جارة لجارتها
-
باب حق الجوار في قرب الأبواب
-
باب: كل معروف صدقة
-
باب طيب الكلام
-
باب الرفق في الأمر كله
-
باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا
-
باب قول الله تعالى: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيب منها}
-
باب: لم يكن النبي فاحشًا ولا متفحشًا
-
باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل
-
باب: كيف يكون الرجل في أهله؟
-
باب المقة من الله
-
باب الحب في الله
-
باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم}
-
باب ما ينهى من السباب واللعن
-
باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير
-
باب الغيبة
-
باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب
-
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار
-
باب: النميمة من الكبائر
-
باب ما يكره من النميمة
-
باب قول الله تعالى: {واجتنبوا قول الزور}
-
باب ما قيل في ذي الوجهين
-
باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه
-
باب ما يكره من التمادح
-
باب مَن أثنى على أخيه بما يعلم
-
باب قول الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}
-
باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر
-
باب: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن}
-
باب ما يكون من الظن
-
باب ستر المؤمن على نفسه
-
باب الكبر
-
باب الهجرة
-
باب ما يجوز من الهجران لمن عصى
-
باب: هل يزور صاحبه كل يوم أو بكرةً وعشيًا؟
-
باب الزيارة ومن زار قومًا فطعم عندهم
-
باب من تجمل للوفود
-
باب الإخاء والحلف
-
باب التبسم والضحك
-
باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا}
-
باب: في الهدي الصالح
-
باب الصبر على الأذى
-
باب من لم يواجه الناس بالعتاب
-
باب: من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال
-
باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولًا أو جاهلًا
-
باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله
-
باب الحذر من الغضب
-
باب الحياء
-
باب: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت
-
باب ما لا يستحيا من الحق للتفقه في الدين
-
باب قول النبي: «يسروا ولا تعسروا»
-
باب الانبساط إلى الناس
-
باب المداراة مع الناس
-
باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
-
باب حق الضيف
-
باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه
-
باب صنع الطعام والتكلف للضيف
-
باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف
-
باب قول الضيف لصاحبه: لا آكل حتى تأكل
-
باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال
-
باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه
-
باب هجاء المشركين
-
باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر
-
باب قول النبي: «تربت يمينك»، و«عقرى حلقى»
-
باب ما جاء في زعموا
-
باب ما جاء في قول الرجل: ويلك
-
باب علامة حب الله عز وجل
-
باب قول الرجل للرجل: اخسأ
-
باب قول الرجل: مرحبًا
-
باب: ما يدعى الناس بآبائهم
-
باب: لا يقل خبثتْ نفسي
-
باب: لا تسبوا الدهر
-
باب قول النبي: إنما الكرم قلب المؤمن
-
باب قول الرجل: فداك أبي وأمي
-
باب قول الرجل: جعلني الله فداك
-
باب: أحب الأسماء إلى الله عز وجل
-
باب قول النبي: «سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي»
-
باب اسم الحزن
-
باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه
-
باب من سمى بأسماء الأنبياء
-
باب تسمية الوليد
-
باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا
-
باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل
-
باب التكني بأبي تراب وإن كانت له كنية أخرى
-
باب أبغض الأسماء إلى الله
-
باب كنية المشرك
-
باب: المعاريض مندوحة عن الكذب
-
باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء وهو ينوي أنه ليس بحق
-
باب رفع البصر إلى السماء
-
باب نكت العود في الماء والطين
-
باب الرجل ينكت الشيء بيده في الأرض
-
باب التكبير والتسبيح عند التعجب
-
باب النهي عن الخذف
-
باب الحمد للعاطس
-
باب تشميت العاطس إذا حمد الله
-
باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب
-
باب: إذا عطس كيف يشمت؟
-
باب إذا تثاوب فليضع يده على فيه
-
باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه}
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب الأطعمة
-
[كتاب التعبير]
-
كتاب الفتن
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب]فضائل القرآن
-
[كتاب التمني]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░90▒ بابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الشِّعْرِ وَالرَّجَزِ وَالحُدَاءِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ.
وَقَوْلِهِ تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}[الشعراء:224]إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
قَالَ ابْنُ عبَّاس {في كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ}[الشعراء:225]: في كُلِّ لَغْوٍ يَخُوضُونَ.
فيه: أُبَيُّ بنَ كَعْبٍ أَنَّ النَّبيَّ صلعم قَالَ: (إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً). [خ¦6145]
وفيه: جُنْدَب: (بَيْنَمَا النَّبيُّ صلعم يَمْشِي إِذْ أَصَابَهُ حَجَرٌ فَعَثَرَ فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ، فَقَالَ:
هَلْ أَنْتِ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ). [خ¦6146]
وفيه: أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبيُّ صلعم: (أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ:
أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللهَ بَاطِلُ وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِم). [خ¦6147]
وفيه: سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ: (خَرَجْنَا مَعَ النَّبيِّ صلعم إلى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ(1) لِعَامِرِ بْنِ الأكْوَعِ: أَلا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ وَكَانَ عَامِرٌ شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ ويَقُولُ(2):
اللَّهُمَّ لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَاْ تَصَدَّقْنَاْ وَلَاْ صَلَّيْنَاْ
فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا
إلى آخرِها. [خ¦6148]
فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟ قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأكْوَعِ، قَالَ: يَرْحَمُهُ اللهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللهِ، هلا أَمْتَعْتَنَا بِهِ؟ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ وَكَانَ سَيْفُ عَامِرٍِ قَصِيْرًا فَتَنَاوَلَ بِهِ يَهُودِيًّا لِيَضْرِبَه ُ وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ، فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ، فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِي(3) النَّبيُّ صلعم شَاحِبًا، فَقَالَ لي: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: فِدًى لَكَ(4) أَبِي وَأُمِّي زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ، قَالَ: مَنْ قَالَهُ؟ قُلْتُ: قَالَهُ فُلانٌ وَفُلانٌ وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ الأنْصَارِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ _وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ_ إِنَّه لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِيٌّ نَشَأَ بِهَا(5) مِثْلَهُ).
وفيه: أَنَس: (أَتَى النَّبيُّ صلعم عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ وَمَعَها(6) أُمُّ سُلَيْمٍ، فَقَالَ: وَيْحَكَ / يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ سَوْقَكَ(7) بِالْقَوَارِيرِ، قَالَ أَبُو قِلابَةَ: فَتَكَلَّمَ النَّبيُّ صلعم بِكَلِمَةٍ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا(8) بَعْضُكُمْ لَعِبْتُمُوهَا عَلَيْهِ قَوْلُهُ: سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ). [خ¦6149]
قال المؤلِّف: الشِّعر والرَّجز والحُداء كسائر الكلام، فما كان فيه ذكر تعظيم الله ╡ ووحدانيَّتُه وقدرته وإيثار طاعتِه وتصغير الدُّنيا والاستسلام له تعالى كنحو ما أوردَه البخاريُّ في هذا الباب فهو حسن مرغَّب فيه، وهو الَّذي قال فيه النَّبيُّ(9) صلعم: (إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً) وما كان منه كذبًا وفحشًا فهو الَّذي ذمَّه الله ╡ ورسولُه صلعم، وقال الشَّافعي: الشِّعر كلام، حَسَنُه كحسن الكلام وقبيحُه كقبيحِه(10).
وسماع الحُداء ونشيد الأعراب لا بأس به فإنَّ النَّبيَّ(11) صلعم قد سمعَه وأقرَّه ولم ينكرْه.
وهذا الباب ردٌّ على مَن نهى عن قليل الشِّعر وكثيرِه، واعتلُّوا بحديث جُبير بن مُطْعِم عن النَّبيِّ صلعم: ((أَنَّهُ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ يَسْتَعِيذُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهَمْزِهِ وَنَفْثِهِ وَنَفْخِهِ)) وفسَّرَه عَمْرو بن مرَّة وهو راوي الحديث، فقال: نفثُه: الشِّعر، ونفخُه: الكِبْر، وهمزُه: الموتة الَّتي تأخذ صاحب المسِّ، وبحديث أبي أُمامة الباهلي أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: ((لَمَّا أُنْزِلَ إِبْلِيسُ إِلَى الأَرْضِ قَالَ: يَا رَبُّ، اجْعَلْ لِي قُرْآنًا، قَالَ: الشِّعْر...)) وذكر الحديث بطولِه، وبما روى ابن لَهِيْعَةَ عن أبي قَبِيل قال: سمعت عبد الله بن عُمَر يقول: مَن قال ثلاثة أبيات مِن الشِّعر مِن تلقاء نفسِه لم يدخل الفردوس.
قال الأعمش: تمثَّل مسروق بأوَّل بيت شعر ثمَّ(12) سكت، فقيل له: لم سكتَّ؟ قال: أخاف أن أجد في صحيفتي شعرًا، وقال ابن مسعود: الشِّعر مزامير الشَّيطان، وكان الحسن لا ينشد الشِّعر.
قال الطَّبري: وهذه أخبار واهية، والصَّحيح في ذلك أنَّه ◙ كان يتمثَّل أحيانًا بالبيت، فقال:
هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيْتِ وَفِي سَبِيْلِ اللهِ مَا لَقِيْتِ
وقال ◙: ((أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ لِبَيْتِ لَبِيد(13))) ثم تمثَّل بأوَّل البيت وترك آخرَه وقالت عائشة: ((كَانَ النَّبيُّ صلعم يَتَمَثَّلُ مِنَ الشِّعْرِ: وَيَأْتِيْكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ)) وكان عامر بن الأكوع يحدو بالشِّعر بحضرة النَّبيِّ صلعم وقال: (مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟ قَالُوا(14): عَامِرٌ(15)، فَقَالَ: يَرْحَمُهُ اللهُ) وأمر حسَّان بن ثابت وغيره بهجاء المشركين وأعلمَهم أنَّ لهم على ذلك جزيل الأجر وقال: ((هُو(16) أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ)).
وذكر الطَّبري عن عُمَر بن الخطَّاب وعليِّ بن أبي طالب وجِلَّة الصَّحابة أنَّهم أنشدوا الأشعار، وتمثَّل معاوية بالشِّعر، وكان ابن أبي مُلَيكة وعكرمة ينشدان الشِّعر وكان ابن أبي ليلى ينشد والمؤذِّن يقيم، وعن ابن سيرين أنَّه كان ينشد الشِّعر الرَّقيق(17). قال مَعْمر: سمعت الزُّهري وقتادة ينشدان الشِّعر. قال قتادة: وكان ابن مسعود ربَّما تمثَّل بالبيت مِن وقائع العرب. قال شعبة: وكان قتادة ينشد الشِّعر فأقول له: أُنْشِدُكَ بيتًا وتحدِّثني بحديث.
وقال أهل التَّأويل في قولِه تعالى: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}[الشعراء:224]هم(18) شعراء المشركين يتِّبعهم غواة النَّاس ومردة الشَّياطين وعصاة الجن، ويروون شعرهم لأنَّ الغاوي لا يتَّبع إلا غاويًا مثلَه، عن ابن عبَّاس وغيرِه.
وقولُه تعالى: {أَلَمْ تَرَ أنهمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ}[الشعراء:225]أي: يمرحون ويمرقون بما ليس في الممدوح والمذموم فهم كالهائم على وجهِه، والهائم المخالف القصد. عن أبي عُبيدة، {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ}[الشعراء:226]أي يكذِّبون، والمراد بقوله تعالى: {إِلَّا الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[الشعراء:227]ابن رواحة وحسَّان وكعب بن مالك، عن ابن عبَّاس.
وقولُه: {وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا}[الشعراء:227]قال ابن عبَّاس: في خلال كلامِهم النَّاس، وقال ابن زيد: في شعرِهم، وقيل: لم يشغلْهم الشِّعر عن ذكر الله ╡، {وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا}[الشُّعراء:227]يعني: ردَّوا على الكفَّار الَّذين كانوا(19) يهجون النَّبيَّ صلعم.
قال الطَّبري: ولا خلاف أنَّ حكم المستثنى مخالف لحكم المستثنى منه، فوضح أنَّ المذموم مِن الشُّعراء غير الَّذين آمنوا وعملوا الصَّالحات، وأنَّ الَّذين آمنوا وعملوا الصَّالحات(20) منهم محمودون غير مذمومين.
وقول عامر بن الأكوع: (فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا) فقد زعم بعض أهل الغفلة أنَّ قولَه: (فِدَاءٌ لَكَ) تصحيف لا يجوز أن يقال ذلك لله ╡، وليس ذلك كما ظنَّ والشِّعر صحيح و المعنى فاغفر ما اقتفينا أي ما ركبنا(21) مِن الذنوب، تقول العرب: قفوت الشَّيء قفوًا: اتَّبعت أثرَه، ومنه قولُه تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء:36].
وقولُه: (فِدَاءٌ لَكَ) دعاء منه ربَّه أن يفديَه مِن عقابِه على ما اقترف مِن ذنوبِه فكأنَّه قال: اللَّهُمَّ اغفر لي وافدني منه فداء لك أي فداء مِن عندك فلا تعاقبني، وقولُه: (لَكَ) تبيين الفاعل للفداء المعني بالدُّعاء كما تقول في الدعاء سقيًا لك، فلك هاهنا مذكور لتبيين المعنى بالدَّعاء / له، والمعنى: سقاك الله، فكذلك قولُه: (فِدَاءٌ لَكَ) معناه افدنا مِن عقابك، وقد جاء هذا الشِّعر في كتاب المغازي بلفظ آخر ((فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ مَا أَبْقَيْنَا مِنَ الذُّنُوبِ)) أي: ما تركناه مكتوبًا علينا ونحو ذلك، فداء لك بالرَّفع والخفض أيضًا، فوجه الرَّفع أن يكون خبر ابتداء(22) مضمر نحن(23) فداء لك، كأنَّك قلت: نحن لتفدنا أو افدنا كما تقول: نحن ارحمنا وزيدٌ ارحمْهُ(24)، ومَن خفض (فِدَاءٍ) شبهه بأمسِ فبناه على الكسر كبناء الأصوات عليه نحو قولهم: قال الغراب: غاق والجبل طاق، وأنشد سيبويه:
مَهْلًا فِدَاءٍ لكَ الأَقوَامُ كُلُّهْمْ
وتقديره: اغفر افدنا.
وأمَّا قول الرَّجل: (وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللهِ) فإنَّه يعني الجنَّة، فهم مِن دعاء النَّبيِّ صلعم لعامر بالرَّحمة أنَّه يستشهد في تلك الغزاة ويكون مِن أهل الجنَّة كما فهم ابن عبَّاس مِن قولِه ╡: {وَرَأَيْتَ النَّاس يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابا}[النصر:2-3]حضور أجل النَّبيِّ صلعم فلذلك قال الرَّجل: وجبت(25) يا رسول الله ثم قال(26): هلَّا أمتعتنا به.
وأمَّا قوله ◙: (إِنَّ(27) لَهُ لَأَجْرَيْنِ إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ) فيحتمل معنيين _والله أعلم_:
أحدُهما: أن يكون لمَّا أمات(28) نفسَه وقتلَها في سبيل الله ╡ تفضَّل الله سبحانه عليه بأن ضاعف أجرَه مرَّتين.
ويحتمل أن يكون(29) أحد الأجرين لموتِه في سبيل الله، والأجر الثَّاني لما كان يحدو به القوم مِن شعرِه ويدعو الله تعالى في ثباتهم عند لقاء عدوِّهم، وذلك تحضيض للمسلمين وتقوية لنفوسِهم، وقد رُوي نحو هذا المعنى عن النَّبيِّ صلعم.
روى مَعْمر عن الزُّهري عن عبد الرَّحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أنَّه قال للنَّبيِّ صلعم: ((إِنَّ اللهَ قَدْ أَنْزَلَ فِي الشِّعْرِ مَا أَنْزَلَ، قَالَ: إِنَّ المُؤْمِنَ يُجَاهِدُ(30) بِنَفْسِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنَّما تَرْمُونَ بِهِ فِيْهِمَ نَضْحَ النَّبْلِ)).
وقولُه: (أَلَا أَسْمَعْتَنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ) فإنَّ العرب تقول لكلِّ شيء صغير: هنة، والهنوات مِن الكلام ما صغر منها ولم يكن له كبير معنى كما قال الشَّاعر:
عَلَى هَنَوَاتٍ كُلُّهُا مُتَتَابِعُ
يريد على صغار مِن الكلم المستحقِّ بها القطيعة، والهنة كلُّ شيء صغير برز مِن معظم شيء أو بان منه كزَمَعَة ظِلف الشَّاة وحلمة الثَّدي والضَّرع، ويجوز أن يقال: هُنيَّة وهُنَيهة، وفي كتاب الدُّعاء: ((أَلَا أَسْمَعْتَنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ)) ويقال ذلك للبرهة مِن الدَّهر أيضًا.
وقولُه صلعم: (يَا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ سَوْقَكَ بِالقَوَارِيْرِ) فَإِنَّ القَوَارير ههنا(31) كناية عن النِّساء الَّذين على الإبل، أمرَه بالرِّفق في الحُداء والإنشاد لأنَّ الحُداء يحثُّ الإبل حتَّى تسرع السَّير، فإذا مشت الإبل رويدًا أمن على النساء السُّقوط، وتشبيهُه صلعم للنِّساء(32) بالقوارير مِن الاستعارة البديعة لأنَّ القوارير أسرع الأشياء تكسُّرًا، فأفادت الاستعارة هاهنا مِن الحضِّ على الرِّفق بالنِّساء في السَّير ما لم تفده الحقيقة لأنَّه لو قال له صلعم: ارفق في مشيك بهنَّ أو ترسَّل لم يُفْهَمْ مِن ذلك أنَّ التَّحفُّظ بالنِّساء كالتَّحفُّظ بالقوارير كما فُهِمَ ذلك مِن الاستعارة لتضمُّنِها مِن المبالغة في الرِّفق ما لم تضمَّنه الحقيقة.
وأَنْجَشَةُ: اسم غلام أسود للنَّبيِّ صلعم.
[1] في (ص): ((من الأنصار)).
[2] في (ص): ((يقول)).
[3] في (ص): ((فرآني)).
[4] في (ص): ((فداك)).
[5] في (ز): ((قال عربي مشابهاً)) والمثبت من (ص).
[6] في (ص): ((ومعهن)).
[7] قوله: ((سوقك)) ليس في (ص).
[8] قوله: ((بها)) زيادة من (ص).
[9] قوله: ((النَّبي)) ليس في (ص).
[10] في (ص): ((كقبيح الكلام)).
[11] في (ص): ((الرَّسول)).
[12] قوله: ((ثم)) ليس في (ص).
[13] قوله: ((لبيت لبيد)) زيادة من (ص).
[14] في (ص): ((فقالوا)).
[15] زاد في المطبوع: ((بن الأكوع)).
[16] قوله: ((وأعلمهم أن لهم... وقال هو)) ليس في (ص).
[17] قوله: ((وكان ابن أبي ليلى ينشد والمؤذن...الشعر الرقيق)) ليس في (ص).
[18] في (ز): ((هو)) والمثبت من (ص).
[19] قوله: ((كانوا)) ليس في (ص).
[20] قوله: ((وأن الَّذين آمنوا وعلموا الصالحات منهم)) ليس في (ص).
[21] في (ص): ((ارتكبنا)).
[22] في (ص): ((مبتدأ)).
[23] في (ص): ((ونحن)).
[24] في (ص): ((وزيداً رحمة)).
[25] قوله: ((وجبت)) ليس في (ص).
[26] قوله: ((ثم قال)) ليس في (ص).
[27] في (ص): ((وإن)).
[28] في (ص): ((أصاب)).
[29] قوله: ((أن يكون)) زيادة من (ص).
[30] في (ص): ((ليجاهد)).
[31] في (ص): ((هنا)).
[32] في (ص): ((النساء)).