-
المقدمه
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب الحج
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الذبائح
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب البيوع
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب العارية
-
كتاب النكاح
-
كِتَاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كِتَاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الأحكام
-
كتاب الإكراه
-
[كتاب الحيل]
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الرجم
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه}
-
باب: من أحق الناس بحسن الصحبة
-
باب: لا يجاهد إلا بإذن الأبوين
-
باب: لا يسب الرجل والديه
-
باب إجابة دعاء من بر والديه
-
باب: عقوق الوالدين من الكبائر
-
باب صلة الوالد المشرك
-
باب صلة الأخ المشرك
-
باب فضل صلة الرحم
-
باب إثم القاطع
-
باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم
-
باب: من وصل وصله الله
-
باب: يبل الرحم ببلالها
-
باب: ليس الواصل بالمكافى
-
باب من وصل رحمه في الشرك ثم أسلم
-
باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها
-
باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته
-
باب: جعل الله الرحمة مئة جزء
-
باب قتل الولد خشية أن يأكل معه
-
باب وضع الصبي في الحجر
-
باب وضع الصبي على الفخذ
-
باب: حسن العهد من الإيمان
-
باب فضل من يعول يتيمًا
-
باب الساعي على الأرملة
-
باب رحمة الناس والبهائم
-
باب الوصاة بالجار
-
باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه
-
باب: لا تحقرن جارة لجارتها
-
باب حق الجوار في قرب الأبواب
-
باب: كل معروف صدقة
-
باب طيب الكلام
-
باب الرفق في الأمر كله
-
باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا
-
باب قول الله تعالى: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيب منها}
-
باب: لم يكن النبي فاحشًا ولا متفحشًا
-
باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل
-
باب: كيف يكون الرجل في أهله؟
-
باب المقة من الله
-
باب الحب في الله
-
باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم}
-
باب ما ينهى من السباب واللعن
-
باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير
-
باب الغيبة
-
باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب
-
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم خير دور الأنصار
-
باب: النميمة من الكبائر
-
باب ما يكره من النميمة
-
باب قول الله تعالى: {واجتنبوا قول الزور}
-
باب ما قيل في ذي الوجهين
-
باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه
-
باب ما يكره من التمادح
-
باب مَن أثنى على أخيه بما يعلم
-
باب قول الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}
-
باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر
-
باب: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن}
-
باب ما يكون من الظن
-
باب ستر المؤمن على نفسه
-
باب الكبر
-
باب الهجرة
-
باب ما يجوز من الهجران لمن عصى
-
باب: هل يزور صاحبه كل يوم أو بكرةً وعشيًا؟
-
باب الزيارة ومن زار قومًا فطعم عندهم
-
باب من تجمل للوفود
-
باب الإخاء والحلف
-
باب التبسم والضحك
-
باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا}
-
باب: في الهدي الصالح
-
باب الصبر على الأذى
-
باب من لم يواجه الناس بالعتاب
-
باب: من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال
-
باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولًا أو جاهلًا
-
باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله
-
باب الحذر من الغضب
-
باب الحياء
-
باب: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت
-
باب ما لا يستحيا من الحق للتفقه في الدين
-
باب قول النبي: «يسروا ولا تعسروا»
-
باب الانبساط إلى الناس
-
باب المداراة مع الناس
-
باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
-
باب حق الضيف
-
باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه
-
باب صنع الطعام والتكلف للضيف
-
باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف
-
باب قول الضيف لصاحبه: لا آكل حتى تأكل
-
باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال
-
باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه
-
باب هجاء المشركين
-
باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر
-
باب قول النبي: «تربت يمينك»، و«عقرى حلقى»
-
باب ما جاء في زعموا
-
باب ما جاء في قول الرجل: ويلك
-
باب علامة حب الله عز وجل
-
باب قول الرجل للرجل: اخسأ
-
باب قول الرجل: مرحبًا
-
باب: ما يدعى الناس بآبائهم
-
باب: لا يقل خبثتْ نفسي
-
باب: لا تسبوا الدهر
-
باب قول النبي: إنما الكرم قلب المؤمن
-
باب قول الرجل: فداك أبي وأمي
-
باب قول الرجل: جعلني الله فداك
-
باب: أحب الأسماء إلى الله عز وجل
-
باب قول النبي: «سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي»
-
باب اسم الحزن
-
باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه
-
باب من سمى بأسماء الأنبياء
-
باب تسمية الوليد
-
باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا
-
باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل
-
باب التكني بأبي تراب وإن كانت له كنية أخرى
-
باب أبغض الأسماء إلى الله
-
باب كنية المشرك
-
باب: المعاريض مندوحة عن الكذب
-
باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء وهو ينوي أنه ليس بحق
-
باب رفع البصر إلى السماء
-
باب نكت العود في الماء والطين
-
باب الرجل ينكت الشيء بيده في الأرض
-
باب التكبير والتسبيح عند التعجب
-
باب النهي عن الخذف
-
باب الحمد للعاطس
-
باب تشميت العاطس إذا حمد الله
-
باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب
-
باب: إذا عطس كيف يشمت؟
-
باب إذا تثاوب فليضع يده على فيه
-
باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه}
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب الأطعمة
-
[كتاب التعبير]
-
كتاب الفتن
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب]فضائل القرآن
-
[كتاب التمني]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░6▒ بَابٌ: عُقُوقُ الوَالِدَيْنِ مِنَ الكَبَائِرِ
فيه: أَبُو بَكْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ: لا يَسْكُتُ). [خ¦5976]
وفيه أَنَسٌ قَالَ: (ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلعم الْكَبَائِرَ، أَوْ سُئِلَ / عَنِ الْكَبَائِرِ، فَقَالَ: الشِّرْكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، فَقَالَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قَالَ(1): قَوْلُ الزُّورِ أَوْ قَالَ شَهَادَةُ الزُّورِ). [خ¦5977]
قال المؤلِّف: ذكر البخاريُّ في كتاب الأيمان والنذور حديث عبد الله بن عُمَر(2) في الكبائر(3)، وفيه زيادة اليمين الغموس، [خ¦6675] وفي كتاب الديات والاعتصام حديث ابن مسعود: ((أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك)) وفيه الزنا بحليلة الجار من الكبائر. [خ¦6861]
وروى الزنا من الكبائر عن النبيِّ صلعم عِمْرَان بن حصينٍ وعبد الله بن أنيسٍ وأبو هريرة، وفي حديث أبي هريرة: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ))، وفي كتاب الحدود حديث(4) أبي هريرة قال النبيُّ صلعم: ((اجتنبوا السبع الموبقات)) وفيه: ((السحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولِّي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)).
وفي باب عقوق الوالدين من الكبائر حديث المغيرة عن النبيِّ صلعم: ((إنَّ الله حرَّم عليكم عقوق الأمَّهات، ومنع وهات، ووأد البنات...)) الحديث، وفي حديث ابن عبَّاسٍ أنَّ النميمة وترك التحرُّز من البول من الكبائر.
وروى السرقة من الكبائر وشرب الخمر من الكبائر عِمْرَان بن حصينٍ في غير كتاب البخاريِّ، وفي رواية(5) البخاريِّ: ((ولا(6) يسرق حين يسرق وهو مؤمنٌ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمنٌ، ولا ينتهب نهبةً وهو مؤمنٌ))، وفي غير البخاريِّ من حديث ابن عبَّاسٍ: ((الإضرار في الوصيَّة من الكبائر، والقنوط من رحمة الله من الكبائر)).
وفي حديث أبي أيُّوب الأنصاريِّ عن النبيِ صلعم: ((منع ابن السبيل من الكبائر)).
وروى بريدة عن النبيِّ صلعم: ((منع ابن السبيل الماء من الكبائر))، وفي حديث ابن عمر: ((والإلحاد في البيت الحرام(7) قبلتكم أحياء وأمواتًا من الكبائر)) وحديث(8) عبد الله بن عُمَر: ((وأكبر الكبائر أن يشتم الرجل والديه، قالوا: وكيف؟ قال: يسابُّ الرجل فيسبُّ(9) أباه)).
فهذه آثارٌ رويت عن النبيِّ صلعم بذكر الكبائر، فجميع الكبائر في هذه الآثار ستٌّ وعشرون كبيرةً، وهي: الشرك وقتل النفس وعقوق الوالدين وشهادة الزور واليمين الغموس، وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، والزنا والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم والفرار من الزحف وقذف المحصنات والسرقة وشرب الخمر، والإضرار في الوصيَّة، والقنوط من رحمة الله، ومنع ابن السبيل الماء، والإلحاد في البيت الحرام، والذي يستسبُّ لوالديه، وفي حديث المغيرة: ((حرَّم عليكم منع(10) وهات ووأد البنات)) والنميمة، وترك التحرُّز من البول، والغلول.
فهذه ستٌّ وعشرون كبيرةً، وتستنبط كبائر أخر من الأحاديث منها: حديث ابن المسيِّب عن النبيِّ صلعم أنَّه قال(11): ((من أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه))، وقد ثبت أنَّ الربا من الكبائر، ومنها حديث أبي سعيدٍ وأبي هريرة أنَّ النبيَّ صلعم قال: ((أسوء السرقة الذي يسرق صلاته)).
وقد ثبت أنَّ السرقة من الكبائر، وفي التنزيل الجور في الحكم قال الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة:44]و {الظَّالِمُونَ}[المائدة:45]و {الْفَاسِقُونَ}[المائدة:47]وقال تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}[الجن:15]فهذه تسعٌ وعشرون كبيرةً.
قال الطبريُّ: واختلف أهل التأويل في الكبائر التي وعد الله تعالى(12) عباده بالنهي عنها من أوَّل سورة النساء إلى رأس الثلاثين آيةً منها، هذا قول ابن مسعودٍ والنخعيِّ.
وقال آخرون: الكبائر سبعٌ، روي هذا عن عليِّ بن أبي طالبٍ، وهو قول عبيد بن عميرٍ وعبيدة وعطاءٍ، قال عبيدٌ: ليس من هذه كبيرةٌ إلَّا وفيها آيةٌ من كتاب الله تعالى، قال الله تعالى(13): {وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ}[الحج:31]، وقال تعالى: {إِنَّ(14) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} الآية[النساء:11]، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}[البقرة:275]و {الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ(15)...}الآية[النور:23]، والفرار من الزحف، وقال تعالى: / {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ}[الأنفال:15]والسابعة: التعرُّب بعد الهجرة، {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا على أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى}الآية(16)[محمد:25].
وقال آخرون: هي تسعٌ، روي هذا عن عبد الله بن عُمَر، وزاد فيه السحر والإلحاد في المسجد الحرام.
وقال آخرون: هي أربعٌ، رواه الأعمش عن وبرة(17) بن عبد الرحمن، عن أبي الطُّفَيل، عن ابن مسعودٍ قال: الكبائر أربعٌ: الإشراك بالله، والقنوط من رحمة الله(18)، والإياس من روح الله، والأمن من مكر الله.
ففي حديث أبي الطفيل ممَّا لم يمض في الآثار: الأمن من مكر الله(19)، وفي حديث عبيد بن عميرٍ: التعرُّب بعد الهجرة، فتمَّت إحدى وثلاثين كبيرةً.
وقال آخرون: كلُّ ما نهى الله تعالى عنه فهو(20) كبيرةٌ، روي ذلك عن ابن عبَّاسٍ قال: وقد ذكرت الطرفة وهي النظرة، قال ابن الحدَّاد: وهذا قول الخوارج، قالوا: كلُّ ما عُصِي الله به فهو كبيرةٌ يخلَّد صاحبه في النَّار، واحتجُّوا بقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ}[الجن:23]قالوا: فالكلام على العموم في جميع المعاصي.
قال الطبريُّ: وعن ابن عبَّاسٍ قولٌ آخر، قال: كلُّ ذنبٍ ختمه الله بنارٍ أو لعنةٍ أو غضبٍ فهو كبيرةٌ، وقال طاوسٌ: قيل لابن عبَّاسٍ: الكبائر سبعٌ؟ قال: هي إلى السبعين أقرب، وقال سعيد بن جبيرٍ: قال رجلٌ لابن عبَّاسٍ: الكبائر سبعٌ؟ قال: هي إلى السبعمائة(21) أقرب منها إلى سبعٍ، غير أنَّه لا كبيرة مع استغفارٍ، ولا صغيرة مع إصرارٍ.
وذهب جماعة أهل التأويل إلى أنَّ الصغائر تُغفَر باجتناب الكبائر، وهو قول عامَّة الفقهاء، وخالفهم في ذلك الأشعريَّة أبو(22) بكر بن الطيِّب وأصحابه، فقالوا: معاصي الله سبحانه كلُّها عندنا كبائر، وإنَّما يقال لبعضها صغيرةً بالإضافة إلى ما هو أكبر منها، كما يقال: الزنا صغيرةٌ بإضافته(23) إلى الكفر، والقُبلة المحرَّمة صغيرةٌ بإضافتها إلى الزِّنا، وكلُّها كبائر، ولا ذنب عندنا يغفر واجبًا باجتناب ذنبٍ آخر، بل كلُّ ذلك كبيرٌ(24)، ومرتكبه في المشيئة غير الكفر لقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}[النساء:48].
واحتجُّوا بقراءة من قرأ: ▬إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبِيرَ(25) مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ↨على التوحيد، يعنون الشرك، وقال الفرَّاء: من قرأ {كَبَائِرَ} فالمراد بها كبيرٌ، وكبير الإثم الشرك، وقد يأتي لفظ الجمع يراد به الواحد قال الله تعالى(26): {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:105]ولم يأتهم إلَّا نوحٌ وحده، ولا أرسل إليهم رسولًا قبله، بدليل قوله في حديث الشفاعة: ((ولكن ائتوا نوحًا فإنَّه أوَّل رسولٍ بعثه الله إلى أهل الأرض)).
قالوا: فجواز العقاب عندنا على الصغيرة كجوازه على الكبيرة(27)، وقوله صلعم: ((إنَّ الرجل ليتكلَّم بالكلمة من سخط الله لا يظنُّ أنَّها تبلغ حيث بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه(28))).
وحجَّة أهل التأويل والفقهاء(29) ظاهر قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء:31].
قال الطبريُّ: يعني نكفِّر عنكم أيُّها المؤمنون باجتناب الكبائر صغائر سيئاتكم؛ لأنَّ الله تعالى قد وعد مجتنبها تكفير ما عداها من سيِّئاته ولا يخلف الميعاد.
واحتجُّوا بما رواه موسى بن عقبة، عن عبيد الله بن سليمان الأغرِّ، عن أبيه، عن أبي أيُّوب الأنصاريِّ قال: قال رسول الله صلعم: ((ما من عبدٍ يعبد الله لا يشرك به شيئًا، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويصوم شهر رمضان، ويجتنب الكبائر إلَّا دخل الجنَّة)).
وقال أنسٌ: إنَّ الله تجوَّز عمَّا دون الكبائر، فما لنا ولها، وتلا الآية.
وأمَّا قول الفرَّاء من قرأ {كَبَائِرَ(30)} فالمراد بها كبير الإثم، وهو الشرك، فهذا خلاف ما ثبت في الآثار، وذلك أنَّ في حديث أبي بكرة أنَّ النبيَّ صلعم قال: (أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ) فذكر: (الشِّركُ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ وَقَالَ: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا، حَتَّى قُلْتُ: لاَ يَسْكُتُ) وفي حديث ابن مسعودٍ: (قلت: يا رسول الله، أيُّ الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك، وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، وأن تزاني بحليلة جارك)، فجعل صلعم في حديث أبي بكرة قول الزور وعقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وجعل في حديث ابن مسعودٍ أن يقتل ولده خشية أن يأكل معه، والزنا بحليلة جاره من أعظم الذنوب، فهذا يردُّ تأويل الفرَّاء / أنَّ {كَبَائِرَ} يراد بها كبيرٌ وهو الشرك خاصَّةً.
ولو عكس قول الفرَّاء فقيل له من قرأ (كَبِيرَ الإثمِ) فالمراد به كبائر كان أولى في التأويل؛ بدليل هذه الآثار الصحاح، وبالمتعارف المشهور في كلام العرب، وذلك أنَّه(31) يأتي لفظ الواحد يراد به الجمع كقوله تعالى: {يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}[غافر:67]وقوله: {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ}[البقرة:285]والتفريق لا يكون إلَّا بين اثنين فصاعدًا، والعرب تقول: فلانٌ كثير الدينار والدرهم، يريدون الدنانير والدراهم.
وقولهم: إنَّ الصغائر كلَّها كبائر فهذه دعوى، وقد ميَّز الله تعالى بيَّن الكبائر وبيَّن ما سمَّاه سيِّئاتٍ(32) من غيرها بقوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء:31]وأنَّ خبر ((إنَّ الكبائر(33) إذا جونبت كفِّر ما سواها))، وما سوى الشيء هو غيره ولا يكون هو، ولا ضدَّ للكبائر إلَّا الصغائر، والصغائر معلومةٌ عند الأمَّة، وهي ما أجمع المسلمون على رفع التحريج في شهادة من أتاها، ولا يخفى هذا على ذي لبٍّ.
وأمَّا احتجاجهم بقوله صلعم: ((إنَّ الرجل ليتكلَّم بالكلمة من سخط الله لا يظنُّ أنَّها تبلغ حيث بلغت))، فليس فيه دليلٌ أنَّ تلك الكلمة ليست من الكبائر، ومعنى الحديث: إنَّ الرجل ليتكلَّم بالكلمة عند السلطان يغريه بعدوٍّ له يطلب أذاه، فربَّما قتله السلطان أو أخذ ماله أو عاقبه أشدَّ العقوبة، والمتكلِّم بها لا يعتقد أنَّ السلطان يبلغ به كلَّ ذلك فيسخط الله عليه إلى يوم القيامة، وهذا كقوله تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ}[النور:15].
[1] في (ت) و (ص): ((فقال)).
[2] كذا في نسخنا والمطبوع والصواب عن ابن عمرو كما في الصحيح وساقه ابن بطال على الصواب في موضعه.
[3] قوله: ((في الكبائر)) ليس في (ت) و (ص).
[4] في (ت): ((وحديث))، و في (ص): ((الحدود وفي حديث)).
[5] في (ص): ((كتاب)).
[6] في (ص): ((لا)).
[7] زاد في (ز): ((من)) والمثبت من (ت) و (ص).
[8] في (ص): ((وفي حديث)).
[9] في (ص): ((تساب الرجل فتسبه)).
[10] في (ت) و (ص): ((منعاً)).
[11] زاد في (ت) و (ص): ((إن)).
[12] في (ت): ((وعد الله إلى)).
[13] في (ت) و (ص): ((قال تعالى)).
[14] قوله: ((إن)) ليس في (ت) و (ص).
[15] زاد في (ص): ((المؤمنات)).
[16] قوله: ((الآية)) ليس في (ص).
[17] في (ص): ((عن برة)).
[18] في (ت) و (ص): ((من رحمته)).
[19] قوله: ((الله)) لقظ الجلالة زيادة من في (ت) و (ص).
[20] في (ت) و (ص): ((فهي)).
[21] في (ت) و (ص): ((الستمائة)).
[22] في (ص): ((أبا)).
[23] في (ت): ((بالإضافة))، و قوله: ((ما هو أكبر منها، كما يقال: الزنا صغيرة بإضافته)) ليس في (ص).
[24] في (ت) و (ص): ((كبيرة)).
[25] في (ز) و(ت): ((كبائر)). والمثبت من (ص).
[26] في (ت): ((وقال تعالى))، و في (ص): ((قال تعالى)).
[27] في (ت) و (ص): ((على الصغير كجوازه على الكبير)).
[28] في (ت) و (ص): ((القيامة)).
[29] صورتها في (ت) و (ص): ((ولفظها)).
[30] في (ص): ((كبير)).
[31] في (ت): ((أن)).
[32] في (ص): ((سيئة)). وقوله: ((سيئات من)) ليس في (ت).
[33] في (ت) و (ص): ((وأخبر أن السيئات)).