شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: كيف يكون الرجل في أهله؟

          ░40▒ بابٌ كَيْفَ يَكُونُ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ.
          فيه: عَائِشَةُ سُئلت: (مَا كَانَ النَّبيُ صلعم يَصْنَعُ في أَهْلِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ في مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاة قَامَ إلى الصَّلاة). [خ¦6039]
          قال المؤلِّف: أخلاق الأنبياء(1) والمرسلين ‰ التَّواضع والتَّذلُّل في أفعالِهم، والبعد عن التَّرفُّه والتَّنعُّم، فكانوا يمتهنون أنفسهم فيما يعنُّ لهم ليَسُنُّوا بذلك فيُسلَكَ سبيلُهم وتُقتفى آثارُهم.
          وقول عائشة: (كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ) يدلُّ على دوام ذلك مِن فعلِه متى عرض له ما يحتاج إلى إصلاحِه لئلَّا يخلد إلى الدَّعة والرَّفاهية الَّتي ذمَّها الله ╡ وأخبر أنها مِن صفات غير المؤمنين فقال تعالى: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا}[المزمل:11].
          روى(2) سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ♦: أنه سَأَلَها: ما كان عمل رسول الله صلعم في بيتِه؟ قالت: يَخْصِفُ النَّعل ويَرْقَع الثَّوب.
          وقال في حديث آخر: ((أَمَّا أَنَا فَأتَّزِرُ بِالكِسَاءِ وَأَجْلِسُ بِالأَرْضِ وَأَحْلُبُ شَاةَ أَهْلِي)).
          وقال ابن مسعود: إن الأنبياء مِن قبلكم كانوا يلبسون الصوف / ويركبون الحُمر ويحلبون الغنم.
          وهذه كانت سيرة سلف هذه الأمة.
          وسيأتي في آخر(3) كتاب الرَّقائق في باب التَّواضع كثير مِن سيرتهم في ذلك إن شاء الله تعالى(4).


[1] في (ت) و(ص): ((النَّبيين)).
[2] في (ص): ((وروى)).
[3] قوله: ((آخر)) ليس في (ت) و(ص).
[4] قوله: ((في باب التواضع...إن شاء الله تعالى)) ليس في (ت) و(ص).