شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: في الهدي الصالح

          ░70▒ بابُ الهَدْيِ الصَّالِحِ.
          فيه: حُذَيْفَةَ قَالَ: (إِنَّ أَشْبَهَ النَّاس دَلًّا وَسَمْتًا وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللهِ صلعم لَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إلى أَنْ(1) يَرْجِعَ إِلَيْهِ، لا نَدْرِي مَا يَصْنَعُ في أَهْلِهِ إِذَا خَلا). [خ¦6097]
          وفيه: عَبْدُ الله بْن عُمَر قَالَ: (إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ(2) هَدْيُ محمَّد صلعم). [خ¦6098]
          قال المؤلِّف(3): قال أبو عُبيد: الهدي والدَّلُّ أحدُهما قريب المعنى مِن الآخر وهما مِن السَّكينة والوقار في الهيئة والمنظر والشَّمائل وغير ذلك، قال الأخطل يصف الكذَّاب:
حتَّى تَنَاهَيْنَ عنه سَامِيًا حَرِجًا(4)                     وَمَا هَدَى هَدْيَ مَهْزُومٍ وَمَا(5) نَكَلَا
          يقول: لم أسرع إسراع المنهزم ولكن على سكون وحسن هدي.
          وقال عدي بن زيد يصف امرأة بحسن الدَّلِّ:
لَمْ تَطلعْ مِنْ خِدْرِهَا مُبْتَغَى خِبـْـ                     بٍ(6) وَلَا سَاءَ دَلُّها فِي العِنَاقِ
          والسَّمت يكون في معنيين: أحدُهما حسن الهيئة والمنظر في مذهب الدِّين وليس مِن الجمال والزِّينة، ولكن يكون له هيئة أهل الخير ومنظرهم. والوجه الآخر السَّمت، الطَّريق يقال: الزم هذا السَّمت. وكلاهما له معنى جيِّد بكَوْن أن يلزم طريقة أهل الإسلام فتكون له هيئة أهل الإسلام، وذكر أبو عُبيد في حديث عُمَر بن الخطَّاب أنَّ أصحاب عبد الله كانوا يدخلون إليه فينظرون إلى سمتِه وهديِه ودَلَّه فيتشبَّهون به.
          قال المؤلِّف: في هذا مِن الفقه أنَّه ينبغي للنَّاس الاقتداء /
          بأهل الفضل والصَّلاح في جميع أحوالهم في هيئتهم وتواضعِهم ورحمتِهم للخلق، وإنصافِهم مِن أنفسِهم، ورِفْقِهم في أخذ الحق إذا وجب لهم إن أحبَّوا الاقتصاص أو عفوهم عن ذلك إن آثروا العفو، وفي مأكلِهم ومشربِهم واقتصادِهم في أمورِهم تبرُّكًا بذلك(7).


[1] في (ص): ((حين)).
[2] في (ت) و(ص): ((كتاب الله والهدي)).
[3] قوله: ((قال المؤلِّف)) ليس في (ت) و(ص).
[4] في (ت) و(ص) تصحيفًا: ((جرحاً)).
[5] في (ت) و(ص): ((ولا)).
[6] في (ت) و(ص): ((خبٌّ)) وتحتمل الكلمة قبلها في (ص): ((مبتغى)).
[7] في (ت) و(ص): ((به)).