شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب طيب الكلام

          ░34▒ بابُ طِيْبِ الكَلَامِ.
          وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبيِّ صلعم: (الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ).
          فيه: عَدِيٌّ(1): (ذَكَرَ النَّبيُّ صلعم النَّارَ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ(2) ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِه(3)، ثُمَّ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ). [خ¦6023]
          الكلام الطَّيِّب مندوب إليه وهو مِن جليل(4) أفعال البرِّ لأنَّ النَّبيَّ صلعم جعلَه كالصَّدقة بالمال، ووجْه تشبيهِه صلعم الكلمة الطَّيِّبة بالصَّدقة بالمال هو أنَّ الصَّدقة بالمال تحيا بها نفس المُتصدَّق عليه ويفرح بها، والكلمة الطَّيِّبة يفرح بها المؤمن ويحسن موقعُها مِن قلبِه، فاشتبها مِن هذه الجهة، ألا ترى أنها تُذهب الشَّحناء وتُجلي السَّخيمة كما قال ╡: {ادْفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأنه وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت:34]والدَّفع بالَّتي هي أحسن قد يكون بالقول كما يكون بالفعل.
          قال صاحب «العين»: أشاح بوجهِه عن الشَّيء إذا نحَّاه، ورجل مُشِيح(5) وشائح، أي حازم حَذِر.


[1] في (ز): ((علية)) والمثبت من (ت) و (ص).
[2] في (ت): ((وجهه)).
[3] قوله: ((ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِه)) زيادة من (ت) و (ص).
[4] في (ت): ((جميل)).
[5] في (ت) و(ص): ((وشيح)).