شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا

          ░111▒ بابُ مَنْ دَعَا صَاحِبَهُ فَنَقَصَ مِنِ اسْمِهِ حَرْفًا.
          وَقَالَ أَبُو هُرَيرَةَ: (قَالَ لِيَ النَّبيُّ صلعم: يَا أَبَا هِرٍ).
          فيه: عَائِشَةَ قَالَ النَّبيُّ صلعم: (يَا عَائِشُ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ، قَالَتْ: وَ◙ وَرَحْمَةُ اللهِ، قَالَتْ: وَهُوَ يَرَى مَا لَا أَرَى). [خ¦6201]
          وفيه: أَنَسٌ: (قَالَ النَّبيُّ صلعم لِأَنْجَشَةَ: يَا أَنْجَشُ، رُوَيْدَكَ سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ). [خ¦6202]
          أمَّا قوله ◙: (يَا عَائِشُ) و(يَا(1) أَنْجَشُ) فهو مِن باب النِّداء المرخَّم، والتَّرخيم نقصان أواخر الأسماء، تفعل ذلك العرب على وجه التَّخفيف، ولا ترخِّم ما ليس منادى إلا في ضرورة الشِّعر، ولا ترخِّم مِن الأسماء إلا ما كان على أكثر مِن ثلاثة أحرف لأنَّ الثَّلاثة أقلُّ الأصول إلَّا ما كان في آخرِه هاء التَّأنيث فإنَّه يرخَّم(2) قلَّت حروفُه أو كثرت، فتقول في ترخيم عائشة وأنجشة: يا عائش، ويا أنجش، وفي ترخيم مالك: يا مال أقبل، ويا حار للحارث، وفي ترخيم جعفر: يا جعف أقبل(3) فنحذف الرَّاء وندع ما قبلَها على حركتِه، ومِن العرب مَن إذا رخَّم الاسم حذف منه آخرَه وجعل ما بقي اسمًا على حيالِه بمنزلة اسم لم يكن فيه ما(4) حُذِف منه فبناه على الضَّم، فقال: يا مال، ويا حار، ويا جعف، فيجوز على هذا يا عائش ويا أنجش.
          وأمَّا قولُه: (يَا أَبَا هِرٍ) فليس مِن باب التَّرخيم، وإنَّما هو نقل اللَّفظ مِن التَّصغير والتَّأنيث إلى التَّكبير والتَّذكير لأنَّ أبا هريرة كنَّاه النَّبيُّ صلعم بتصغير هرَّة كانت له فخاطبَه باسمِها مذكرًا، فهو وإن كان نقصانًا مِن اللفظ ففيه زيادة في المعنى.


[1] في (ص): ((يا)) بلا واو.
[2] قوله: ((فإنه يرخم)) ليس في (ص).
[3] قوله: ((أقبل)) ليس في (ص).
[4] قوله: ((ما)) زيادة من (ص).