الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟

          ░133▒ (باب: هل يَبِيتُ أصحابُ السِّقاية أو غيرهم بمكَّة...) إلى آخره
          اعلم أنَّ المبيت بمنًى واجب كما هو مذهب الجمهور، وفي قول للشَّافعيِّ ورواية عن أحمد وهو مذهب الحنفيَّة أنَّه سُنَّة، ووجوب الدَّم بتركه وعدم وجوبه مبنيٌّ على هذا بخلاف(1)، ولا يحصل المبيت إلَّا بمعظم اللَّيل. انتهى مِنْ «جزء الحجِّ».
          وقال الحافظ: مقصوده بالغير مَنْ كان له عذر مِنْ مرض أو شغل كالحطَّابين والرِّعاء. انتهى.
          قلت: والأوجَهُ عندي تعميم الغير لأنَّه ليس في الحديث ذكر الأعذار الأخر، ولعلَّ غرض المصنِّف بزيادة لفظ: (هل) وبلفظ: (أو غيرهم) الإشارة إلى اختلاف قويٍّ في هذه المسألة، وهي أنَّ الإذن يختصُّ بالعبَّاس، أو بأهل السِّقاية مُطْلقًا، أو يعمُّ غير أهل السِّقاية أيضًا؟ بسط الخلاف فيه في «الأوجز»، وتلخيص المذاهب فيه، كما في «جزء الحجِّ»: أنَّه يجوز تركه للرُّعاة والسُّقاة عند الشَّافعيَّة والحنابلة والمالكيَّة، ثمَّ قالت جماعة مِنَ المالكيَّة كالدَّرْدِير بتخصيص الرُّخصة برُعاة الإبل، وهو ظاهر كلام جماعة مِنَ الشَّافعيَّة كأبي إسحاق الشِّيرازيِّ في «المهذَّب» والغزاليِّ في «الوجيز» وقالت جماعة مِنَ المالكيَّة بالتَّعميم لرعاة الإبل وغيره كابن شاش وابن الحاجب وابن عرفة، واختاره الزُّرْقاني.
          وهل يلحق بهم أهل الأعذار كالمرضى ومَنْ له مال يخاف ضياعه ونحوهم؟ وجهان للشَّافعيَّة:
          أصحُّهما: نعم، وهو قول الحنابلة.
          والثَّاني: لا، وهو قول المالكيَّة وأبي حنيفة(2)، وهل يختصُّ الحكم بسقاية العبَّاس؟ قال الرَّافعيُّ: رخصة أهل السِّقاية لا تختصُّ بالعبَّاسية لأنَّ المعنى يعمُّهم وغيرهم، وعن مالك وأبي حنيفة أنَّها تختصُّ بأولاد العبَّاس، وهو وجه لأصحابنا، ومنهم مَنْ يَنقل الاختصاص ببني هاشم، كذا في «الأوجز» مع زيادة عن غيره. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((الخلاف)).
[2] قوله: ((وأبي حنيفة)) ليس في (المطبوع).