الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

أبواب العمل في الصلاة

          ░░21▒▒ أبواب العمل في الصَّلاة
          أجمعت الأمَّة على أنَّ العمل الكثير مفسدٌ للصَّلاة، والقليل منه ليس بمفسد، ولم تَرِدْ في الرِّوايات ضابطةٌ تفصل بينهما، فأئمَّة الحديث ♥ يذكرون الرِّوايات الواردة في فعل بعض الأعمال غير المانعة عن صحَّة الصَّلاة، والرِّوايات الَّتِي وردت في الأعمال المانعة عن صحَّتها، ولذا ذكر الإمام البخاريُّ الأبواب المختلفة في هذا المعنى.
          وعند هذا العبد الضَّعيف مِنْ هنا إلى كتاب الجنائز جميعُ الأبواب داخلةٌ في هذا المعنى، وأبواب السَّهو داخلة في ذيلها، كما سأوضحه هناك.
          واختلف الفقهاء في الحدِّ الفاصل بين القليل والكثير، فعندنا الحنفيَّةَ فيه خمسة أقوال، أصحُّها: ما لا يشكُّ النَّاظر مِنْ بعيد في فاعله أنَّه ليس في الصَّلاة، والثَّاني: أنَّ ما يُعمَل عادةً باليدين كثيرٌ وإن عمل بواحدة كالتَّعميم وشدِّ السَّراويل، وما عُمل بواحدة قليلٌ وإن عُمل بهما كحلِّ السَّراويل ولُبسِ القَلَنْسُوَة... إلى آخر ما بسط في «هامش اللَّامع».
          ░1▒ (باب: اسْتِعَانة اليَد فِي الصَّلاة...) إلى آخره
          قالَ العَينيُّ: أراد به وضع اليد على شيء في الصَّلاة إذا كان ذلك في أمر الصَّلاة، كما وَضع النَّبيُّ صلعم يده على رأس ابن عبَّاس وفتل أذنه وأداره، فترجم بما ذكره مستنبطًا منه في استعانة المصلِّي بما يتقوَّى به على صلاته، وقيَّد بقوله: (إذا كان مِنْ أمر الصَّلاة) لأنَّه إذا استعان بها في غير أمر الصَّلاة يكون عبثًا، والعبث في الصَّلاة مكروه. انتهى.
          قال الحافظ: ظاهر هذه الآثار المذكورة في التَّرجمة يخالف التَّرجمة لأنَّها مقيَّدة بما إذا كان العمل مِنْ أمر الصَّلاة وهي مطلقة، وكأن المصنِّف أشار إلى أنَّ إطلاقها مقيَّد بما ذُكر ليخرج العبث، ويمكن أن يقال: لها تعلُّق بالصَّلاة لأنَّ دفع ما يؤذي المصلِّي يعين على دوام خشوعه المطلوب في الصَّلاة، ويدخل في الاستعانة التَّعلُّق بالحبل عند التَّعب والاعتماد على العصا ونحوهما، وقد رخَّص فيه بعض السَّلف، إلى أن قال: قال ابن بطَّالٍ: استنبط البخاريُّ منه [أنَّه] لمَّا جاز للمصلِّي أن يستعين بيده في صلاته فيما يختصُّ بغيره كانت استعانته في أمر نفسه ليتقوَّى بذلك على صلاته إذا احتاج إليه أولى(1). انتهى.
          قوله: (إلَّا أن يحكَّ جلدًا...) إلى آخره، ليس مِنَ التَّرجمة كما توهَّمه الإسماعيليُّ، وتبعه مُغُلْطاي حيث قال: إنَّه مستثنًى مِنْ قوله: (إذا كان مِنْ أمر الصَّلاة) بل هو مِنْ بقيَّة أثر عليٍّ، كذلك رواه مسلم بن إبراهيم أحد مشايخ البخاريِّ بسنده بلفظ: ((كان عليٌّ ☺ إذا قام إلى الصَّلاة فكبَّر ضرب بيده اليمنى على رسغه الأيسر، فلا يزال كذلك حتَّى يركع إلَّا أن يحكَّ جلدًا أو يصلح ثوبًا)). انتهى(2) مِنَ «الفتح» والعَينيِّ. /


[1] فتح الباري:3/72 مختصرا
[2] قوله: ((انتهى)) ليس في (المطبوع).