الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الفتيا على الدابة عند الجمرة

          ░131▒ (باب: الفُتْيا على الدَّابَّة عند الجمرة)
          قال الحافظ: هذه التَّرجمة تقدَّمت في كتاب العِلم، لكن بلفظ: (باب: الفتيا وهو واقف على الدَّابَّة أو غيرها) ثمَّ قال بعد أبواب كثيرة: (باب: السُّؤال والفتيا عند رمي الجمار) وأورد في كلٍّ مِنَ التَّرجمتين حديث عبد الله بن عمرو المذكور في هذا الباب، ومثل هذا لا يقع له إلَّا نادرًا، وقد اعترض عليه الإسماعيليُّ بأنَّه ليس في شيء مِنَ الرِّوايات عن مالك أنَّه كان على دابَّة، بل في رواية يحيى القَطَّان عنه: ((أنَّه جلس في حجَّة الوداع، فقام رَجل)) ثمَّ قال الإسماعيليُّ: فإن ثبت في شيء مِنَ الطُّرق أنَّه كان على دابَّة فيحمل قوله: (جلس) على أنَّه ركبها وجلس عليها.
          قال الحافظ: وهذا هو المتعيِّن، فقد أورد هو رواية صالح بن كَيْسان بلفظ: (وقف على راحلته)، وهي بمعنى: جلس، والدَّابَّة تطلق على المركوب مِنْ ناقة وفرس [وبغل] وحمار، فإذا ثبت في الرَّاحلة كان الحكم في البقيَّة كذلك... إلى آخر ما بسط.
          قلت: ولعلَّ الغرض مِنَ التَّرجمة أنَّ وظيفة هذا الوقت وإن كان الاشتغالَ بالدُّعاء وغيره لكنَّه لو اشتغل بأهمَّ منه كالتَّبليغ والتَّعليم فلا بأس به، أو المراد أنَّ الكلام في المناسك جائز لا ينافي العبادة، كما شرح به الحافظ ترجمة كتاب العِلم، فهو مناسب لهذا المقام، واستدلَّ الشَّافعيُّ بلفظ: (خطب) الوارد في بعض طرق هذا الحديث على الخُطبة المشروعة عندهم في هذا اليوم، وحمله غيرهم(1) على التَّعليم.
          قال الآبي(2): ترجم البخاريُّ بالفتيا، وهذا يدلُّ على أنَّها لم تكن خُطبة، قاله الزُّرقانيُّ، واختلافهم في خُطب الحجِّ شهير كما سيأتي في الباب الآتي.


[1] قوله: ((غيرهم)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((الأبي)).