الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب المحصر وجزاء الصيد

          ░░27▒▒ (باب: المُحْصَر وجزاء الصَّيد...) إلى آخره
          وفي نسخة: <أبواب المُحْصَر وجزاء الصَّيد> قال القَسْطَلَّانيُّ: أي: بيان أحكام المُحْصَر وأحكام جزاء الصَّيد الَّذِي يتعرَّض إليه المحرم.
          (وقوله تعالى) بالرَّفع على الاستئناف، أو بالجرِّ عطفًا على (المحصر)، أي: وبيان المراد مِنْ قوله تعالى... إلى آخره. انتهى.
          قوله: (وقال عطاء...) إلى آخره، قال الحافظ: وفي اقتصاره على تفسير عطاء إشارة إلى أنَّه اختار القول بتعميم الإحصار، وهي مسألة اختلافٍ بين الصَّحابة وغيرهم، فقال كثير منهم: الإحصار مِنْ كلِّ حابسٍ حَبَسَ الحاجَّ مِنْ عدوٍّ ومرض وغير ذلك... إلى آخر ما قال.
          قال القَسْطَلَّانيُّ: وبه قالت الحنفيَّة ككثير مِنَ الصَّحابة وغيرهم، حتَّى أفتى ابن مسعود رَجلًا لُدغ بأنَّه مُحْصَر، أخرجه الطَّحَاويُّ وابن حزم بإسناد صحيح، وقال الأئمَّة الثَّلاثة: لا إحصار إلَّا بالعدوِّ(1)... إلى آخر ما قال. / قلت: وهو كذلك إلَّا أنَّ الإمام أحمد والشَّافعيَّ قالا: لو اشترط عند الإحرام يجوز له التَّحلُّل بالمرض، كما بسط في «الأوجز»: وفيه حكى العينيُّ في «شرح الهداية»:(2) عن الإستيجابي(3)(4) [الإسبيجابي(5)] والوتريِّ والكرمانيِّ: أنَّهم اختلفوا في الإحصار في اثنين وستِّين موضعًا، ثمَّ بسطها، واقتصر في «الأوجز» منها على عشرة مواضع ما لا بدَّ مِنْ معرفتها لناظري الحديث.
          وفي «الفيض»: ثمَّ اعلم أنَّ الحكم في الإحصار عندنا أن يبعث دمًا يُذبح بالحرم، ويواعده أن يذبحه يوم كذا، فإذا جاء ذلك يحلُّ في مقام الحصر، ويقضي مِنْ قابل، ودم الإحصار لا يتقيَّد عندنا بالزَّمان فيجوز ذبحه قبل يوم النَّحر، وإن تقيَّد بالمكان فلا يذبحه إلَّا في الحرم.
          وقال الشَّافعيَّة: إنَّ الإحصار مختصٌّ بالعدوِّ، ولا يتقيَّد دم الإحصار عندهم بالمكان أيضًا، ولا يجب عليه القضاء، وأصل النِّزاع في عُمْرَة الحُدَيبِيَة، فقال الأحناف: إنَّ النَّبيَّ صلعم قضاها مِنْ قابل، ولذا سُمِّيت عُمْرَة القضاء على أنَّ في السِّير أنَّه نادى في النَّاس عند خروجه لعُمْرَة القضاء أن يذهب معه كلُّ مَنْ كان رافقة في عُمْرَة الحُدَيبِيَة.
          وقال الحجازيُّون: القضاء فيه بمعنى الصُّلح، سُمِّيت به لأنَّه صالحهم عليها مِنْ قابل، وليس مقابلًا للأداء، ثمَّ إنَّ الشَّافعيَّة لمَّا لم يكن عندهم الإحصار بالمرض اضطرُّوا إلى إقامة باب آخر، وهو الاشتراط في الحجِّ، فالمريض عندهم يُهِلُّ ويَشترط: اللَّهمَّ مَحِلِّي حيث حبستَني، والحنفيَّة لمَّا عمَّموا الإحصار استغنَوا عن هذا الباب، ووافقَنا البخاريُّ على ذلك أيضًا، فلم يخرج حديث الاشتراط في كتاب الحجِّ، وأخرجه في كتاب النِّكاح. انتهى.
          وقالَ العَينيُّ: مذهب أبي حنيفة: أنَّ دم الإحصار يتوقَّف بالحرم [وهو المكان] لا بيوم النَّحر [وهو الزَّمان] لإطلاق النَّصِّ، وعند أبي يوسف ومحمَّد يتوقَّف بالزَّمان والمكان، وهذا الخلاف في المحصَر بالحجَّ، وأمَّا دم المحصر بالعُمْرَة فلا يتوقَّف بالزَّمان بلا خلاف بينهم.


[1] إرشاد الساري:3/281 مختصرا
[2] البناية في شرح الهداية:4/436
[3] قوله: ((الإستيجابي)) ليس في (المطبوع).
[4] كذا ورد في الأصل والصَّواب ما بين حاصرتين وهو: علي بن محمَّد بن إسماعيل، بهاء الدين الأسبيجابي السمرقندي: فقيه حنفي، ينعت بشيخ الإسلام،.من أهل سمرقند. وبها وفاته. له الفتاوى و شرح مختصر الطحاوي توفي سنة 535هـ = 1141م. (كشف الظنون:2/1627)، (الأعلام:4/329)
[5] في (المطبوع): ((الأسبيجابي)).