الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب الشروط

          ░░54▒▒ <كتاب الشُّروط>
          قال الحافظ: كذا لأبي ذرٍّ، وسقط <كتاب الشُّروط> لغيره، والشُّروط: جمع شَرْط_بفتح أوَّلِه وسكون الرَّاء_ وهو ما يَسْتَلْزِم نفيُه نفيَ أمرٍ آخر غير السَّبَب.
          وقالَ العَينيُّ: الشَّرط: العَلامَة، وفي الاصطلاح: ما يَتَوقَّف عليه وجودُ الشَّيء ولم يكن داخلًا فيه، وقيل: ما يلزم مِنِ انتفائه انتفاءُ المشروط، ولا يلزم مِنْ وجُودِه وجُودُ المشروط.
          ░1▒ (باب: ما يجُوزُ مِنَ الشُّروط في الإسْلَام...)
          قال الحافظان ابنُ حَجَرٍ والعَينيُّ: المراد به هاهنا بيان ما يصحُّ منها ممَّا لا يَصِحُّ، وقوله: (في الإسلام) عند الدُّخول فيه، فيجُوز مثلًا أن يَشْتَرط الكافر أنَّه إذا أسلم لا يُكَلَّف بالسَّفر مِنْ بلد إلى بلد مثلًا، ولا يجوز أن يَشْترط ألَّا يُصَلِّي مثلًا، وقوله: (والأحكام) أي: العقود والمعاملات، وقوله: (والمبايعة) مِنْ عطفِ الخاصِّ على العامِّ. انتهى.
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: الظَّاهر أنَّه قصد بذلك إثبات أنَّ كلَّ شرط هو مخالف لأمر الشَّارع فهو ردٌّ لا يجوز العمل بمقتضاه، وما كان بخلاف ذلك فهو أحقُّ شيء بالوفاء، والدَّليل عليه ما نَسخ اللهُ تعالى مِنْ شرط ردِّ النِّساء إلى الكفَّار، فإنَّهنَّ كنَّ داخلة في الشَّرط، ومع ذلك فلمَّا كان ردُّهنَّ تعريضًا للفتنة في الدِّين، ولا كذلك في الرِّجال فإنَّهم على مُكْنة مِنَ الخروج والفرار، ومع ذلك فكأن(1) ردُّ النِّساء إليهم تمكينًا لهم على فُروجهنَّ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النِّساء:141] منع الله نبيَّه صلعم أن يرُدَّهنَّ إليهم، وعلى هذا فلا يَرِدُ أنَّه صلعم كيف خالف عهده معهم فيهنَّ... إلى آخر ما بسط.
          وقال أيضًا: ثمَّ إنَّ المذكور في الباب هي الرِّوايات الدَّالَّة على اشتراط الشُّروط في الإسلام، وظاهر عطف الأحكام والمبايعة على الإسلام يقتضي إيراد حديث يناسب شرائط الأحكام، فإمَّا أن يقال: قوله في حديث جرير: (بايعته على من(2) إقام الصَّلاة وإيتاء الزَّكاة) إنَّما هو مِنَ الاشتراط في الأحكام، أو يقال: قوله: ( والنُّصح لكلِّ مسلم) يتناول كلَّ عقد وحكم، أو يقال: قوله تعالى: {عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} إلى آخره [الممتحنة:12] ممَّا يتناول كلَّ حكم. انتهى.
          وبسط في «هامشه» الكلام على أنَّ ردَّ النِّساء هل كان داخلًا في عقد الهدنة لفظًا أو عمومًا؟ وفيه بعد بسط الكلام على / تلك المسألة.
          والأوجه عند هذا العبد الضَّعيف: أنَّه لمَّا كان في عِلم الله تبارك وتعالى استثناء النِّساء مِنْ ذلك قَدَّر الله تعالى أن يكون العهد بلفظ: (لا يأتيك مِنَّا رَجلٌ) إلَّا [رددته] (3)، (4) فهم مِنْ ذلك العموم، لأنَّ النِّساء في أكثر الأحكام تكون تابعة للرِّجال، فلمَّا هاجرت النِّساء أنزل الله تبارك وتعالى آية الامتحان بسببها على أنَّ العهد كان للرِّجال خاصَّة. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((فكان)).
[2] قوله: ((من)) ليس في (المطبوع).
[3] قوله: ((رددته)) ليس في (المطبوع).
[4] بياض في الأصل.