الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة

          ░86▒ (باب: التَّلبية والتَّكبير إذا غدا مِنْ مِنًى إلى عرفة)
          قال الحافظ: أي: مشروعيَّتهما، وغرضه بهذه التَّرجمة الرَّدُّ على مَنْ قال: يقطع المحْرِم التَّلبية إذا راح إلى عرفة. انتهى.
          وهو مذهب مالك، والمسألة خلافيَّة شهيرة بسطت في «الأوجز»: وهي متى يقطع المحْرِم بالحجِّ التَّلبية؟ وحديث البخاريِّ: ((أنَّ الفضل وأسامة كليهما قالا: لم يزل صلعم يلبِّي حتَّى رمى جمرة العقبة)) حُجَّةٌ للجمهور منهم أبو حنيفة والشَّافعيُّ وأحمدُ أنَّه يلبِّي إلى رمي جمرة العقبة، مع اختلافهم في أنَّه يقطع مع رمي أوَّل حصاة أو عند تمام الرَّمي، فذهب إلى الأوَّل الجمهورُ، وإلى الثَّاني أحمدُ وبعض الشَّافعيَّة، وقالت طائفة: يقطع إذا دخل الحَرَم وهو مذهب ابن عمر، لكن يعاود التَّلبية إذا خرج مِنْ مكَّة إلى عرفة، وقالت طائفة: يقطعها إذا راح إلى الموقف، وبه قال مالك، وقيَّده بزوال الشَّمس يوم عرفة. انتهى.
          ولا يبعد [عندي] أنَّ المصنِّف أشار بزيادة التَّكبير في التَّرجمة إلى أنَّ التَّلبية ليست بفرض إذ ذاك كما يوهمه ما نُقل عن ابن عبَّاس.
          فقد قال الحافظ: روى ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عبَّاس أنَّه كان يقول: التَّلبية شعار الحجِّ، فإن كنت حَاجًّا فلبِّ حتَّى بَدْءِ حِلِّك، وبَدْءُ حِلِّك أن تُرمى جمرة العقبة، والله أعلم(1). انتهى.
          ثمَّ التَّرجمة بظاهرها مكرَّرة لأنَّها سيأتي بعد عدَّة أبواب، وسيأتي التَّوجيه هناك، إن شاء الله تعالى.


[1] فتح الباري:3/533