الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب الشفعة

          ░░36▒▒ <كتاب الشُّفْعة>
          كذا في «نسخ الشُّروح» و«نسخة الحاشية»، وليس في «النسخ الهنديَّة» الَّتِي بأيدينا لفظ <كتاب> بل فيه <باب: الشُّفعة فيما لم يقسم...> إلى آخره، كما سيأتي.
          قال الحافظ: الشُّفْعَة: بضمِّ المعجمة وسكون الفاء وغلط مَنْ حرَّكها، وهي مأخوذة لغةً مِنَ الشَّفْع وهو الزَّوج، وقيل: مِنَ الزِّيادة، وقيل: مِنَ الإعانة، وفي الشَّرع: انتقال حصَّة إلى شريك كانت انتقلت إلى أجنبيٍّ بمثل العوض / المسمَّى، ولم يختلف العلماء في مشروعيَّتها إلَّا ما نُقل عن أبي بكر الأصمِّ مِنْ إنكارها. انتهى.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: وهي في اللُّغة: الضَّمُّ على الأشهر، مِنْ شَفَعْتُ الشَّيءَ: ضَمَمْتُه، فهي ضمُّ نصيب إلى نصيب، وفي الشَّرع: حقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يثبُت للشَّريك القديم على الحادث فيما مَلك بعِوَضٍ. انتهى.
          وبسط في «الأوجز» الكلام على الأبحاث المتعلِّقة بالشُّفعة.
          وفيه قالَ الموفَّق: [الشُّفعة] تثبت على خلاف الأصل، إذ هي انتزاع مِلك المشتري بغير رضاء منه، وإجبار له على المعاوضة، لكن أثبتها الشَّرع لمصلحة راجحة، فلا تثبت إلَّا بشروط أربعة:
          أحدها: أن يكون الملك مشاعًا غير مقسوم، فأمَّا الجار فلا شفعة له، أي: عند أحمد، وبه قالَ مالكٌ والشَّافعيُّ، وقالَ الثَّوريُّ وأصحاب الرَّأي: الشُّفعة بالشَّركة، ثمَّ بالشَّركة في الطَّريق، ثمَّ بالجوار...، إلى آخر ما بسط في «هامش اللَّامع».
          وستأتي هذه المسألة في باب مستقلٍّ.
          قوله: (السَّلَم في الشُّفعة) كذا في «نسخة الحاشية»، وكذا هو في «نسخة الحافظ» والعينيِّ لكنَّهما لم يتعرَّضا عن شرحه.
          ░1▒ (باب: الشُّفعة فيما لم يُقْسَم...) إلى آخره
          قال القَسْطَلَّانيُّ: أي: في المكان الَّذِي لم يُقسم، وقال بعد ذكر الحديث: وهذا الحديث أصل في ثبوت الشُّفعة، وقد أخرجه مسلم مِنْ طريق أبي الزُّبير عن جابر بلفظ: ((قضى رسول الله صلعم بالشُّفعة في كلِّ شِرك لم يقسم رَبْعَةٍ أو حَائِط، ولا يحلُّ له أن يبيع حتَّى يُؤْذِن شريكه))... الحديث، والرَّبْعَة: تأنيث الرَّبع، وهو المنزل، والحائط: البستان، وقد تضمَّن هذا الحديث ثبوت الشُّفعة في المشاع، وصدره يشعر بثبوتها في المنقولات، وسياقه يشعر باختصاصها بالعقار وبما فيه العقار ومشهور مذهب المالكيَّة والشَّافعيَّة والحنابلة تخصيصها بالعقار لأنَّه أكثر الأنواع ضررًا، والمراد بالعقار الأرض وتوابعها المثبتة فيها للدَّوام كالبناء وتوابعه الدَّاخلة في مطلق البيع مِنَ الأبواب والرُّفوف والمسامير وحجرَي الطَّاحون والأشجار، فلا تثبت في منقول غير تابع، ويُشترط أن يكون العقار قابلًا للقسمة، واحتُرز به عمَّا إذا كان لا يقبلها أو يقبلها بضرر كالحمَّام أو نحوها.
          وفي «الفتح»: وقد أخذ بعمومها في كلِّ شيء مالكٌ في رواية، وعن أحمد تثبت في الحيوانات دون غيرها مِنَ المنقولات.
          ومشهور مذهب مالك كما سبق تخصيصها بالعقار، وخرج بقوله في الحديث: (فِي كُلِّ شِرْكٍ) الجار، ولو ملاصقًا خلافًا للحنفيَّة حيث أثبتوها للجار الملاصق أيضًا. انتهى مختصرًا مِنَ القَسْطَلَّانيِّ(1).


[1] إرشاد الساري:4/123