الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب

          ░27▒ (باب: التَّحميد والتَّسبيح والتَّكبير قَبْل الإهلال...)
          الظَّاهر عندي أنَّ الإمام البخاريَّ أشار به إلى أنَّ المندوب أن يشتغل بهذه الأوراد قَبْل الإحرام، فإنَّ بعده يشتغل بالتَّلبية غالبًا.
          وكتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: فيه إشارة إلى إتيان أدعية كلِّ الأوقات والأحوال حسب ما وردت في الآثار، فيأتي بدعوة الرُّكوب على الدَّابَّة أوَّلًا ثمَّ يلبِّي، وكذلك في أدعية الصَّباح والمساء. انتهى مختصرًا.
          وما أفاده الشَّيخ أوجَهُ وأوضحُ وإليه مَيل الحافظ.
          ثمَّ قال الحافظ: قيل: أراد المصنِّف الرَّدَّ على مَنْ زعم أنَّه يكتفي(1) بالتَّسبيح وغيره عن التَّلبية، ووجهُ ذلك أنَّه صلعم أتى بالتَّسبيح وغيره، ثمَّ لم يكتفِ به حتَّى لبَّى(2). انتهى.
          وأوضح العينيُّ(3) هذا الإيراد إذ قال: قال صاحب «التَّوضيح»: فيه ردٌّ على أبي حنيفة في قوله: مَنْ سبَّح أو كبَّر أو هلَّل أجزأه مِنْ إهلاله، قلت: هذا كلامٌ واهٍ صادرٌ مِنْ غير معرفة بمذهب العلماء... إلى آخر ما ردَّ عليه.
          وأنا أقول: العجب كلُّ العجب أنَّ الإمام البخاريَّ على زعمهم أراد الرَّدَّ على أبي حنيفة مع أنَّه قائل بوجوب التَّلبية، ولو بإقامة ذِكرٍ آخرَ مُقامَها، ولم يُرد الرَّدَّ على مَنْ أنكر وجوب التَّلبية برأسها، كما هو مذهب الشَّافعيَّة والحنابلة الَّذِي تقدَّم ذكرُه في الباب السَّابق، فالحقُّ أنَّ الإمام البخاريَّ لم يُرِدِ الرَّدَّ على أحد، بل أراد كما أفاده الشَّيخ قُدِّس سرُّه أنَّ ما ورد في الرِّوايات مِنْ ((أنَّه صلعم لم يزل يلبِّي حتَّى رمى الجمرة العقبة))(4) لا يدلُّ على أنَّه صلعم لم يقرأ الأدعية الأُخَرَ مِنْ أدعية الصَّباح والمساء والرُّكوب. انتهى مختصرًا مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] في (المطبوع): ((يُكتفَى)).
[2] فتح الباري:3/412
[3] عمدة القاري:9/174
[4] هكذا الأصل